بعيداً عن الجدل الدائر بين الإعلاميين عرباً وعجماً ومراكز أبحاثهم عن استشراف نتائج الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، ففي تقديري أن المجهر يجب أن يسلط على تداعيات هذا الصراع بغض النظر عن الطرف الذي ستميل إليه كفة الحسم العسكري، لأن الحسم العسكري ليس كل شيء في هذا «الصراع الوجودي».
إحدى الخسائر الكبيرة الإسرائيلية، بالتحديد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي حسمت يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، هي انهيار فكرته المتغطرسة بتحييد الفلسطينيين وإخراجهم من عملية السلام، فهو الذي استبدل شعار «الأرض مقابل السلام» بشعار «السلام مقابل السلام» الذي تفاخر به بزهو وصلف.
وقد ظن هذا الزعيم المتعجرف أن سياسته هذه ستجعل العرب والعالم ينسون القضية الفلسطينية إلى الأبد، وهذا ما استشرفه عام 1995 في كتابه «مكان تحت الشمس»، ثم عزز هذا التوجه في عهد الرئيس ترمب في مشروع «صفقة القرن» الذي انهار هو الآخر وتلاشى من الذاكرة بدل أن تتلاشى فكرة الدولة الفلسطينية من عقول الفلسطينيين، وهذا ما أكده بكل ثقة وغرور في كتابه الآخر «قصة حياتي»، عام 2022، يقول في كتابه ما نصه: «إن الطريق إلى السلام لا تمرّ عبر رام الله وإنما تتجاوزها»!
وفي خطاب نتنياهو على الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي عرض بفوقية صهيونية صارخة خريطة للشرق الأوسط من دون أن يصرح أو يلمح بذكر لفلسطين أو الشعب الفلسطيني. وفعلاً تجاوز نتنياهو رام الله، لكن غزة «أدّبته» وقذفت به خارج المنافسة السياسية، وأعادت المسار الفلسطيني راغماً إلى أسّ النزاع العربي الإسرائيلي، وصار «لحل الدولتين» جلجلة يتردد صداها في جنبات كوكب الأرض.
كل الممارسات العنصرية والاستئصالية والدموية والتدميرية يمارسها الآن نتنياهو وبن غفير وكل جوقة اليمين الصهيوني الإرهابي المتشدد ضد الفلسطينيين، وكما ساقت دموية وعنصرية واستئصالية هتلر إلى هدم «المعبد» فوق رؤوس النازية، فإن اليمين الصهيوني المتشدد يسوق إسرائيل إلى المآل ذاته، وهذا ما تنبأ به عدد من الكتاب والمفكرين اليهود وحتى بعض الإسرائيليين، وللحديث عن مستقبل إسرائيل على ضوء هجمات السابع من أكتوبر بقية.