TT

«فَرقاه عيد»!

يستخدم الخليجيون المثل الشعبي الدارج «فرقاه عيد» عند التخفيف من شدة وطأة الصيام في الحر القائظ فيُذَكّرون الصائم بأن فراق رمضان الفضيل هي لحظة حلول عيد الفطر السعيد فاصبر واثبت. غير أن (فراقه عيد) هذا التعبير الإيجابي الذي يشد من أزر الصائم صار يستخدم في أمور الحياة للتعبير عن السعادة الغامرة بفراق ضيف أو زميل ثقيل. كأن يقال إن فلان (اللئيم) قد استقال فيقول السامع مبتهجا «فرقاه عيد»! أي فراقه هو يوم عيد.
وما أكثر من يعد فراقهم عيدًا من حولنا. فكم من ناهب خيرات شعبه، ومهدر كراماته ودمائه من ينتظر الناس فراقه بفارغ الصبر. وكم من متسلط يزج بخصومه الأبرياء في السجون بحجة استتباب الأمن أو بترديد أسطوانة «الخطر الخارجي» المشروخة. وكم من وزير تسرع في اقتلاع كل القيادات السابقة على طريقة الانقلابيين في «بيان رقم واحد» ثم يكتشف أنه اقتلع تاريخا مهما كان يمكن أن يمهد الطريق لقراراته الجديدة أو الجريئة. وينسى أو يتناسى بعض المسؤولين أن «في العجلة الندامة» ليس شعارًا مروريا فحسب، بل شعار إداري لا يعقله إلا الحكماء.
وكم من مسؤول قَرّبَ حوله أراذل العاملين على حساب المنتجين والمخلصين فكان يوم فراقه عيد. وكم من مسؤول عادى القاصي والداني ظنا أنه سيخلد في منصبه، لأنه لم يفقه مقولة «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك». وكم من متغطرس لم يفق من غفلته إلا حينما وجد نفسه مرميا خارج دائرة الأضواء. ومما يؤلم المسؤولين أن ذلك الموظف «القشة» الذين ظلموه هو من «قصم ظهر بعيرهم».
أليس من الحكمة أن يدرك الفرد أنه سيكون أقوى حينما يصبح عودا في حزمة أعواد، وأن الفردية لا تصنع مجدا. وأن الاستماع إلى آراء عدة أفضل من التقوقع في رأي شخصي.
والتاريخ يروي لنا سير القياديين الذين ورطوا أنفسهم ومؤسساتهم لأنهم يَرَوْن الأمور من زاوية واحدة فيزدادون تخبطا. رغم أن التخبط الإداري يقودنا إلى نهاية مشؤومة.
عندما لا يفكر الفرد إلا في نفسه وإن سَحَقَ من حوله حينها يكون «فرقاه عيدا»!

[email protected]