وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

«أوبك بلس» قد لا تغير مسارها في مواجهة اختبارها السياسي الأول

يواجه تحالف «أوبك بلس» في اجتماعه اليوم (الأربعاء) تحدياً كبيراً؛ إذ إنه أمام تحدٍ سياسي وليس اقتصادياً، يتلخص في احتمالية فرض عقوبات موسعة على نفط روسيا من قِبل الولايات المتحدة وحلفائها نتيجة لغزو الأولى أوكرانيا. إن فرض حظر على صادرات النفط أو فرض عقوبات ليس بجديد على منظمة «أوبك»، التي اعتاد أعضاؤها على هذا الأمر مع دول كثيرة مثل إيران، فنزويلا، أو العراق.
لكن حظر النفط على دولة من خارج «أوبك» وعضو في دول تحالف «أوبك بلس» مثل روسيا هو أمر جديد عليه.
وسيكون التعامل مع هذا الأمر صعباً هذه المرة؛ لأن العقوبات تطال أهم عضو في التحالف من خارج «أوبك»؛ وبذلك يجد التحالف نفسه في مأزق لن يكون الخروج منه سهلاً.
وحاولت روسيا التواصل مع «أوبك» من خلال اتصال هاتفي بالأمس مع ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد، عشية اجتماع «أوبك بلس» اليوم. وحمل هذا الاتصال الكثير من الرسائل، أهمها أن استقرار السوق أولوية لدى الجميع؛ مما يدل على عدم نية روسيا التراجع عن التزاماتها تجاه التحالف.
وخرجت الكثير من الأصوات بفرضيات كثيرة، من بينها قيام التحالف بزيادة إنتاجه، أو الطلب من السعودية بضخ المزيد من النفط، أو توزيع حصة روسيا السوقية على دول «أوبك» والتي ستخسرها روسيا في حال فرض عقوبات مشددة عليها.
كل هذه الفرضيات صعبة التطبيق لأن وضع روسيا معقد جداً؛ فهي على عكس دول «أوبك»، تصدر غالبية نفطها من خلال شبكة أنابيب تصلها بزبائنها في آسيا وأوروبا. كما أن أوروبا تعتمد عليها للحصول على النفط والغاز؛ وهذا يجعل القارة العجوز في وضع ضعيف أمام روسيا. ولا يمكن مقاطعة النفط من دون الغاز.
إن استبدال الغاز الروسي بغاز مسال أمر صعب، ويحتاج إلى سنوات لبناء محطات تستقبل الغاز المسال ومحطات في الدول التي تصدره. والأمر نفسه ينطبق على النفط لأن استقبال النفط بحراً سيزيد من تكلفة مناولته وشحنه للمناطق الداخلية.
ولا يوجد ما يعوض الغاز الروسي؛ وهذا ما جعل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد يصرح الشهر الماضي بأنه من الصعب تغطية نقصه.
وبالنسبة إلى تحالف «أوبك بلس»، فإن أخذ أي قرار حالياً ليس سهلاً؛ لأن اتفاق خفض الإنتاج سيظل جارياً لأشهر كثيرة هذا العام، ولا يمكن تغيير الاتفاق وخطة إعادة الإنتاج التدريجية إلى السوق والتي تم اتباعها منذ العام الماضي لإعادة 6 ملايين برميل للسوق، بواقع 400 ألف برميل يومياً.
وحتى تتمكن «أوبك بلس» من ضخ كمية فوق هذه الكمية فهذا يستوجب إعادة توزيع الحصص، وهنا لا بد من الوصول إلى اتفاق مع روسيا أولاً؛ لأن الدور الذي تلعبه في التحالف كبير جداً وخروجها منه سيهدم المعبد على رؤوس الدول المستهلكة.
وحالياً لا يوجد الكثير من الدول التي لديها طاقة إنتاجية فائضة باستثناء السعودية. وسيكون العبء كاملاً عليها لتعويض أي انقطاع من روسيا؛ مما يجعل فكرة إعادة توزيع الحصص صعبة؛ إذ ستحرص الرياض على التنسيق مع موسكو.
و«أوبك» تحتاج إلى روسيا على المدى البعيد؛ لأن استقرار المنظمة وفاعليتها حالياً قائمة على التحالف، والتحالف لن يستمر من دون روسيا والدول التي في فلكها مثل كازاخستان وأذربيجان.
ولا يبدو واضحاً أن الصين ستستجيب لدعوات المقاطعة وستظل تستقبل كمياتها المعروفة التي تتراوح حول 1.6 مليون برميل يومياً العام الماضي بحسب ما نقلته وكالة «بلاتس» عن بيانات الجمارك الصينية. وهذا يعني أن حصة روسيا في السوق الصينية ستظل ثابتة، حيث ستحرص بكين على عدم دخول منافس من «أوبك» لتعويض النقص الروسي.
كل هذه المعطيات تدفع بأن التحالف لن يغير مساره بسهولة في اجتماع اليوم، وستظل الأمور كما هي عليه لحين اتضاح الصورة حول المدة التي ستستغرقها الحرب مع أوكرانيا. ويبدو أن أسعار النفط عند 100 دولار ستبقى لفترة طويلة من الوقت.