مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

جاء يكحلها فأعماها

في زيارتي اليتيمة لليابان تعمدت السكن في فندق يختلف عن جميع فنادق العالم، لا من ناحية الجمال أو السعر أو الخدمات، ولكن من ناحية القدم مثلما نصحني وحدثني عنه أحد الأشخاص قبل توجهي إلى طوكيو.
وهو لا يزال أحد الفنادق اليابانية الذي يقدم خدماته للضيوف على مدار 1311 عاماً وتعاقب عليه أكثر من 52 جيلاً ليعتبر الفندق الأقدم على مستوى العالم بحسب تقرير نشرته (ديلي ميل)، وفتح فندق (Nishiyama Onsen Keiunkan) أبوابه عام 705 ميلادية عندما جلس الإمبراطور (فوجيوارا ماهيتو) على العرش.
ودخل موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية بوصفه أقدم فندق على مستوى العالم، ويبدأ سعر الإقامة به من 34.7 ألف ين (حوالي 325.3 دولار) لشخصين في الليلة تشمل: الفطور والعشاء مع المشروبات التي يفضلها الزبون في جميع الأوقات.
ويتميز بإطلالاته الرائعة لا سيما في فصل الربيع وهو قريب من متنزه (Jigokudani) وجبل (فوجي) الشهير، وتوجد به أربعة أحواض للاسترخاء في المياه الدافئة في الهواء الطلق وحوضان آخران في الداخل لمن يفضل الخصوصية، وعند دخول الفندق يمنح الضيوف أردية يرتدونها كما يخلعون أحذيتهم في الخارج قبل دخول المبنى كنوع من التقاليد القديمة للشعب الياباني.
وبمناسبة ذكرنا للأحذية، فهناك حادثة رعناء كادت أن تتسبب في قطع العلاقات بين اليابان وإسرائيل، وحصلت أثناء العشاء الذي أقامه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو وزوجته قبل سنوات، على شرف زيارة نظيره الياباني شينزو آبي وزوجته إلى إسرائيل، وأثارت زوبعة دبلوماسية وجدلا كبيرا، حيث صنع الطاهي حذاءً كبيراً من (الشوكولاته)، ووضع بداخله أصناف الحلويات.
من جهته عقب دبلوماسي ياباني على الحادثة قائلاً: لا توجد ثقافة في العالم تضع الأحذية على المائدة، وإن كان الطاهي يقصد الفكاهة فإن الأمر غير مضحك أبداً، لقد شعرنا بالإهانة لما حدث لرئيس وزرائنا.
وأضاف الدبلوماسي أن ما حصل إهانة وازدراء سياسي وعدم احترام من الدرجة الأولى، مضيفاً أن الأمر يشبه أن تضع الحلويات في مجسم خنزير وتقدمها ليهودي أو مسلم.
ولكن دبلوماسياً إسرائيلياً عمل في اليابان قال: إن أحقر شيء عند اليابانيين هو الحذاء، لذلك فإنهم لا يدخلون به المنازل وحتى مكاتبهم تخلو من الأحذية، غير أنه وصف الطاهي بأنه تصرف بشكل حسن النية.
وهذا الدبلوماسي الإسرائيلي انطبق عليه المثل القائل: (جاء ليكحلها فأعماها)، ورحم الله أستاذنا عبد الله الجفري، الذي إذا جاء ذكر لرئيس وزراء إسرائيل السابق، يكتب اسمه هكذا: (نتن، ياهوه).