مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

تعطيني كِلْوتك أعطِك كِلْوتي

أولاً أهنئكم بعيد (الأضحى المبارك): ما أكثر المآسي التي تحدث في حياة بعض الناس، ولست ممن يتلذذون بذكر تلك المآسي، لهذا لا أتحدث ولا أورد إلا المآسي التي تكون نهايتها سعيدة، لأن الناس (ليسوا بناقصين)، فكل إنسان لديه ما يكفيه ويخفيه، مثل (حالاتي)، وإليكم واحدة منها...
(جيني توماس) امرأة تبلغ من العمر 40 عاماً، اشتركت ضمن 16 شخصاً في برنامج تلفزيوني يساعد المفقودين في البحث عن ذويهم، وعندما أتى دورها، قالت: إنني نشأت في جمعية خيرية بنيويورك منذ طفولتي، وقد عرفت من العاملات في الجمعية أن والدتي هي التي أتت بي وتركتني هناك. وعندما كبرت، أخذت أبحث وأتقصّى عن والدتي طوال 15 سنة، ولم أستطع أن أجد لها خبراً حتى هذه الساعة.
والمفارقة العجيبة أن زميلتها الكبيرة في السن التي تعمل معها منذ 3 أعوام، كانت تشاهد المقابلة بالصدفة، وصعقت مما سمعته، وما أن عادت جيني إلى العمل في اليوم التالي، حتى فوجئت بزميلتها تأخذها بالأحضان وتقبلها، وهي تبكي وتقول؛ ابنتي، أنت ابنتي، وكاد يغمى على الاثنين. وشرحت لابنتها ما حصل، معترفة أنها تركتها بسبب أنها حملت من شخص بلا وجاهة اجتماعية، وكان والدها وقتها وزيراً كبيراً، فلم تستطع أن تواجه عائلتها، وتخلّصت منها لمؤسسة اجتماعية.
والحادثة الأخرى تستحق أن تدخل في أدب (اللامعقول)، وملابساتها كالتالي...
هناك سيدتان، الأولى تدعى (سوزان)، وهي امرأة شقراء، والأخرى (نيا) وهي امرأة سوداء، وكلتاهما زميلتان تعملان في مدينة أتلانتا الأميركية، منذ عدة سنوات. وفي أحد الأيام، وبينما كانتا تمارسان السباحة في نادي المؤسسة، عرفت الأولى من الثانية أن زوجها يعاني من فشل كلوي، وحياته متوقفة على زراعة كلية له، وحاولت هي أن تتبرع له بكليتها، وكذلك بعض أصدقائه، لكنها كلها كانت غير ملائمة، وفوجئت بزميلتها تصرخ وتقول لها إنها تعيش نفس هذه المأساة مع زوجها، وإن كل الكلى التي عرضت عليه لم تلائمه.
عندها قررتا مساعدة بعضهما البعض، ووقف معاناة زوجيهما، فخضعت الزوجتان للاختبارات المطلوبة، والغريب أنه تمت ملاءمة كلية المرأة الشقراء للرجل الأسود، وملاءمة كلية المرأة السوداء للرجل الأشقر.
وبعد عمليتي زرع ناجحتين تعافى الزوجان في غرفتين متجاورتين في طابق واحد بالمستشفى، ويقول لانس أليس؛ كان الأمر أشبه بالخروج من قصة خيالية، بينما قال رودني؛ سأكون دائماً ممتناً لسوزان لما فعلته من أجلي.
المهم؛ ثبت أن الأعضاء البشرية لا تعرف ولا تخضع (للتمييز العنصري).