مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

من الحب ما قتل ومنه ما أحيا

الحقيقة أنها (مصيبة) إذا وصلت المحبة إلى هذه الدرجة، فقد انتحر رجل وزوجته بالاتفاق فيما بينهما، وبعد التحقيقات وجدت الشرطة أن رفائيل البالغ من العمر 96 عاماً وزوجته (تامار) البالغة من العمر 82 عاماً، قررا طواعية تناول السم من أجل مفارقة الحياة سوياً، بعد عِشرة استمرت (56) سنة، وكانت الزوجة تعاني من حالة صحية سيئة جداً، قبل أن يقررا التخلص من حياتهما، خوفاً من أن يموت أحدهما ويترك الآخر وحيداً.
وليلة (المغادرة) أطفآ أضواء منزلهما وأدارا أسطوانة تبث الموسيقى الهادئة، وتناولا سائلاً ساماً، ليفارقا الحياة متعانقين في غرفة نومهما، لا وفوق ذلك (كملا الناقص) عندما وجدوا في محفظة الزوج وصية أن يدفنا معاً في تابوت كبير يتسع لهما، ونفذوا وصيته، وفعلاً طبقا المقولة الخائبة: ومن الحب ما قتل.
وما أبعدهما عن الملكة إليزابيث البالغة 95 عاماً وزوجها الأمير فيليب البالغ 99 عاماً، في زواج امتد 73 عاماً، وكانت المحبة طوال هذه المدة تجري بينهما (كالسلسبيل) سواء كانا حيين أم ميتين.
وعن ملابسات المرض والموت، وبحسب الخبير الملكي ريتشارد كاي، كان الزوجان يتناقشان في الأمور الحياتية لكل منهما بعد رحيل الآخر، أقسم دوق أدنبره أن يفعل الشيء نفسه حال توفيت الملكة أولاً.
وتناقش الاثنان في كثير من الأحيان في كيفية تعامل كل منهما في حياته من دون وجود الآخر، ولخصا الأمر على هذا النحو: من بقي يجب أن يبكي لكن ليس لفترة طويلة، ثم يتمتع بما تبقى من حياته، ولا شك أن الأمة البريطانية شعرت بالحزن عند رؤية صورة الملكة وهي جالسة بمفردها في حزن وهي تشاهد جنازة فيليب والدموع تملأ عينيها، لكنها عادت إلى واجباتها الملكية بعد أربعة أيام فقط من وفاته.
وقد ظهرت الملكة (متأنقة) بين قادة العالم في قمة (G7)، بل إنها قادت سيارتها بنفسها إلى (عرض وندسور للخيول).
وفوق ذلك وقبل نحو 24 ساعة من المباراة التي جرت بين إنجلترا وإيطاليا يوم الأحد الماضي كتبت الملكة خطاباً إلى مدرب إنجلترا وتحدثت عن ذكرياتها حين تقديمها كأس العالم للمنتخب الإنجليزي في 1966، متمنية الانتصار للفريق الحالي.
ولكن يا حسرة، الفرحة ما تمت، لقد هزمت إنجلترا.
وما جعلني أندم على متابعتي لتلك المباراة، هو ما شاهدته من اعتداءات مؤلمة، من بعض غوغاء الجماهير الإنجليزية ضد الجماهير الإيطالية، ولا أملك إلّا أن أقول: (قبح الله وجوههم).