تاي كيم
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

هل اقتربنا من العصر الذهبي للابتكار؟

أعرب مؤسس شركة تيسلا إيلون ماسك عن أسفه الشديد لتوجه الموهوبين إلى وظائف أخرى غير التكنولوجيا. فليس هناك وقت أفضل من الآن لاستمالة عناصر جديدة ذات مهارة تقنية عالية. وكان قد صرح في مقابلة صوتية، بأن «كثيراً من الأذكياء يفضلون العمل في المجال المالي أو القانوني، تلك المهن التي تقضي على التفكير والإبداع؛ حيث يعمل الناس على حافة الاقتصاد، في حين أن المجال التكنولوجي يعيد صياغة وجه الاقتصاد».
بالنسبة إلى الشباب من خريجي الجامعات الذين يبحثون عن وظائف في مجال التكنولوجيا، نادراً ما كان هناك وقت هو أفضل من الآن من حيث المكافآت المالية. وربما يكون الانضمام إلى شركة تكنولوجية ناشئة بمثابة تذكرة جديدة للدخول إلى شركات كبيرة من شاكلة «سنوفليكس إنك»، أو «روبلوكس كورب»، على سبيل المثال لا الحصر من بين الشركات التكنولوجية العامة الجديدة التي تبلغ قيمتها السوقية عشرات ملايين الدولارات في الآونة الراهنة. وبعد سلسلة مشهودة من التطورات التكنولوجية الكبيرة على مدار الشهور الماضية، ما تزال هناك فرصة سانحة للّحاق بركب تحقيق الفكرة الرائعة القديمة الجديدة في مجال التقنيات العريقة؛ تغيير صورة العالم بأسره إلى الأفضل.
ولنضرب مثالاً بالدور الذي لعبته شركات التكنولوجيا أثناء جائحة كورونا الراهنة، إذ سمح مختلف تطبيقات التجارة الإلكترونية، وتطبيقات توصيل الطعام والطلبات لكثير من الأشخاص الضعفاء بتفادي التعرض للإصابة بالعدوى. كما حققت تطبيقات مؤتمرات الفيديو المرئية مع غيرها من تطبيقات التعاون في أماكن العمل لفكرة العمل عن بُعد من المنازل مع التعليم عبر الإنترنت. والأهم من ذلك، التطور السريع للغاية في مجال اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد بالاستعانة بتقنية حديثة مثل «الحمض النووي الريبوزي المرسال».
وأرست كل تلك التطورات والمجريات الأساس لمزيد من التقدم التقني؛ إذ أسفر التركيز العالمي الكبير على بناء الخدمات الرقمية والاستفادة منها في التعامل مع فيروس كورونا عن تحقيق تطورات مهمة في التقانات الرئيسية، مثل الحوسبة السحابية، والذكاء الصناعي، التي من شأنها تمكين الموجة المقبلة من الابتكار التقني على أوسع نطاق. ومع النضج الملحوظ في أدوات برمجيات المصادر المفتوحة المجانية، تتمكن الشركات الناشئة من تحقيق نجاحات، عن طريق التطوير السريع للمنتجات، بأقل التكاليف.
برغم ما تقدم بين أيدينا، فإن صناعة التكنولوجيا يقابلها كثير من المشكلات الشائكة. ففي وقت سابق من الشهر الحالي، راهنت شركة مايكروسوفت باستثمار مبلغ 20 مليار دولار على قدرات الذكاء الصناعي بغية تحسين أماكن العمل بصورة كبيرة من خلال الاستحواذ على شركة «نوانس كوميونيكيشنز إنك». وكانت شركة مايكروسوفت تتطلع إلى تطبيق النجاحات الرائدة في تقنيات التعرف على الأصوات بالاستعانة بإمكانات الذكاء الصناعي في إزاحة أعباء الأعمال الورقية المضيعة للوقت من على كاهل الأطباء، وإحالتها إلى أعمال أخرى، بهدف الاهتمام والعناية بالرعاية الصحية الخالصة.
وكانت شركة «إيبيك غيمز إنك» المطورة للعبة الفيديو «فورت نايت» قد نجحت في تأمين مليار دولار من رأس المال الجديد الذي ربما يحقق شيئاً جديداً من واقع روايات الخيال العلمي. ومؤخراً، أعلنت شركة أبل عن خططها لإنفاق عشرات ملايين الدولارات على تطوير تقانات أشباه الموصلات، مع تقانات الجيل الخامس اللاسلكية على مدار السنوات الخمس المقبلة.
هناك بعض السلبيات التي تعتري التقدم التكنولوجي من دون شك. فلقد كانت هناك عقبات ذات صلة باستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه ضد الأقليات لدى بعض البلدان، فضلاً عن الآثار السلبية الناشئة عن التوسع في الاستعانة باللوغاريتمات التي تُضخم من المحتوى الهادف للاستقطاب السياسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
لن تتمكن كل هذه الشركات الناشئة من تحقيق النجاح الباهر في تطلعاتها الهائلة. غير أنني أشعر بتفاؤل كبير إزاء ما سوف تسفر عنه هذه الجهود من إنجازات واكتشافات، وأن المساهمات المحتملة لخدمة المجتمع ستتجاوز التكاليف الضخمة بكثير.
إذا ما تمكنت حفنة من هذه الأفكار الجديدة في تحقيق النجاح الملموس، فربما يكون المستقبل أكثر إشراقاً من أحلام إيلون ماسك نفسه.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»