تيم كولبان
كاتب من خدمة بلومبيرغ.
TT

يجب الحصول على اللقاح بعيداً عن الاعتبارات السياسية

في الوقت الذي تسارع فيه الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إعطاء لقاحات «كوفيد - 19» لمواطنيها، طلبت تايوان 5 ملايين جرعة في الدقيقة الأخيرة، وهو الاتفاق الذي يسلط الضوء على صعوبة النجاة في مجتمع عالمي يستبعد إلى حد كبير هذه المنطقة الخاضعة للحكم الديمقراطي، بسبب التشديد الصيني المزداد.
وقد صرّح وزير الصحة التايواني، تشين شيه تشونغ، بأنه كانت قد تمت بالفعل صياغة عقود شراء لقاحات من شركة بايونتيك الألمانية لتوفير اللقاح لبعض سكان تايوان البالغ عددهم 23 مليون شخص، وكانت البيانات الصحافية المتعلقة بالأمر جاهزة للنشر، ولكن تدخلت «قوى خارجية» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفي ذلك الوقت، كانت تايوان مستعدة للإعلان عن حصولها على هذه الجرعات بالإضافة إلى 10 ملايين جرعة من لقاح شركة أسترازينيكا و5 ملايين جرعة أخرى من خلال برنامج كوفاكس الدولي الذي يهدف إلى توفير فرص متساوية للحصول على اللقاحات في جميع أنحاء العالم، وذلك من خلال توفير جرعتين لكل شخص، وإلى جانب الإمدادات المتوقعة من اللقاحات المطورة محلياً، فإن تايوان تقدر أنها ستتمكن من تغطية 65 في المائة من السكان.
وقد كان تشونغ محقاً في شعوره بالقلق، حيث تم بالفعل تعليق تسليم جرعات اللقاح المتفق عليها، وقد أشار وزير الصحة التايواني إلى أن وقف التسليم هذا يشبه الوقت الذي مُنعت فيه تايوان فجأة من حضور الاجتماع السنوي لمنظمة الصحة العالمية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باعتبارها مراقباً، وذلك بعد أن تدخلت بكين، ومن جانبها، قالت شركة بايونتيك، في بيان: «نعتزم تزويد تايوان بلقاحنا، والمناقشات لا تزال جارية».
وما حدث مع تايوان يكشف عن كثير من الأمور عن وضع العالم خلال هذا الوباء، الذي شهد تصعيداً في عزلة الصين الحازمة لتايوان والاستخدام الأوسع لدبلوماسية اللقاحات، فالقلق الرئيسي لوزير الصحة التايواني يشمل خوفه من أن تقتل بكين صفقات توريد الأدوية الضرورية اللازمة للبلاد.
وقد أصدرت تايوان تحذيراً مبكراً بشأن فيروس كورونا المستجد مع ظهوره منذ أكثر من عام، واتخذت إجراءات احتواء سريعة حظيت بإشادة دولية في وقت كانت الصين تكثف فيه حملة تهدف إلى التشكيك في أصوله، وقد امتدت النوايا الحسنة إلى عدد من الدول التي دعمت محاولة تايبيه لحضور اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني) لهيئة صنع القرار في منظمة الصحة العالمية، وهو الأمر الذي منعته بكين.
ومن بين أسباب استبعاد تايبيه من منظمة الصحة العالمية ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى هو تأكيد الصين على أن عضويتها تشمل أيضاً وجود تايوان، وهي منطقة تدعي بكين أنها تابعة لها، ووفقاً لهذا المنطق، فإن أي معلومات أو مساعدة أو تنسيق مطلوب من الشعب التايواني فإنه يتم عبر الصين، وعلى العكس من ذلك، فإن أي معلومات تمتلكها تايبيه يجب، من الناحية النظرية، أن يتم توجيهها من خلال بكين إلى الهيئات الدولية التي تهيمن عليها بشكل مزداد.
قد لا يكون من المستغرب أن تستخدم بكين قوتها السياسية لوقف تايوان من الحصول على موطئ قدم في منظمة الصحة العالمية، وقد عانت تايبيه من أزمة في الحصول على المعلومات أو الحوار مع الوكالات الأخرى للمساعدة في التعامل مع الوباء.
وتُظهر حالة صفقة لقاحات تايوان أن عبثية توسيع القوة الجيوسياسية تلعب دوراً في كل مجالات الحياة، وتُظهر إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن الجديدة إشارات مبكرة على أنها لن تقبل تنمر بكين الدبلوماسي، وقد كانت تايوان بمثابة نموذج للمواطن العالمي خلال الوباء، ويجب أن تكون هذه هي القشة الأخيرة للعالم ليصر على حصولها على مقعد على الطاولة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت تايوان عن صفقة جديدة للحصول على 5 ملايين جرعة من شركة موديرنا الأميركية.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»