مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ما هكذا تورد الإبل

لولا التعاليم الدينية والقوانين والأنظمة وحقوق الإنسان، لأكل الناس بعضهم بعضاً، بمعنى لو أن (كل من ايدو إلو) – مثلما يقول أهلنا بالشام – لأصبحت الحياة (شربه).
فحريتك تنتهي عند حدود أنفي، مثلما تتوقف حريتي عند حدود أنفك.
وموضوعي اليوم يخوض في هذا المجال الواسع الرائع، ألا وهو مجال (الحرية)، وسوف أورد لكم حادثتين، لتحكموا أنتم عليهما، وتتأكدوا أن العالم لا يزال يمتلئ بمن (تفل الشيطان بعقولهم).
الحادثة الأولى هي كالتالي: حكم على أحد قادة إحدى الجماعات التي يطلق عليها تسمية (اميش) في ولاية أوهايو الأميركية، بالسجن لمدة 15 عاماً، لأنه قام بقص شعر عدد من النساء وحلق لحى عدد من الرجال عقاباً وانتقاماً من المنشقين الذين انفصلوا عن المذهب الذي يتبع إليه، لخلافات دينية.
إن جماعة الأميش تحاول الابتعاد عن اللجوء إلى القضاء الأميركي، ومحاولة حل مشاكلها بنفسها، إلا أن عدداً من المجموعة الذين اعتدي عليها قاموا بإبلاغ السلطات، إذ جرح عدد من الأشخاص الآخرين الذين حاولوا إيقاف المعتدين عن قص شعر ولحى المجموعة بالمقصات الحادة.
وقال المدعي العام لمقاطعات شمال أوهايو (ستيفن ديتلباش) إن (حرية الاعتقاد) هي من إحدى المبادئ الأساسية، ومن يقوم بالاعتداء على هذه الحرية لا يحق له الوجود في بلدنا.
ومجموعة الأميش منعزلة عن المجتمعات الأميركية، إذ يعيشون أسلوب حياة قديماً، ولا يؤمنون باستعمال التكنولوجيا.
أما الحادثة الثانية: فبطلها مع الأسف رجل مسلم مهاجر إلى أستراليا، واستطاع أن يقنع شاباً أسترالياً مسيحياً بالدخول إلى الإسلام، إلى هنا والأمر (عال العال)، إلى أن أتاه الشاب يوماً يعترف له أن نفسه قد هفته وتناول قدحاً من (البيرة)، فما كان من الفحل صاحب العضلات (وسيم فياض) وهو الذي يبلغ طوله أكثر من (190) سنتمتراً ووزنه أكثر من (120) كيلوغراماً إلاّ أن يمسك بتلابيب (مارتينيز) الذي لا يزيد وزنه على وزني، ويجرده من قميصه ويبطحه على الأرض ويوثق قدميه ويديه، ثم يجلده بالسوط جلداً مبرحاً أربعين جلدة، جعلت الدم ينفر من ظهره، ولم يشفع له توسله وبكاؤه، وكانت النتيجة أن ذلك الشاب ارتد عن الإسلام أولاً، ثم أنه قدم فيه شكوى.
وعند محاكمة (فياض) قال بالحرف الواحد: إنني غيور على الإسلام وأردت أن أطبق الحد عليه بيدي، وحكموا عليه بالسجن (16) شهراً.
ونسى فياض أن النهي عن تناول الخمر قد تدرج (16) سنة منذ البعثة، ولم ينهَ عنه إلاّ قبل سبع سنوات من وفاة المصطفى عليه أفضل الصلوات.
فما هكذا تورد الإبل يا (فياض).