حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

بورصة ومنتدى

تداولت الصحف البريطانية بالأمس خبراً لافتاً ومهماً مفاده أن السلطات الخاصة بالسوق المالية هنا تعد العدة بقوة لعمل كل اللازم والمطلوب لتكون هي السوق التي تحظى بحق استضافة اكتتاب «أرامكو» الذي من المرشح أن يكون الاكتتاب الأضخم من نوعه في العالم. وأشارت هذه الصحف إلى معلومات مفادها أن السوق المالية البريطانية ستبدي مرونة استثنائية وتستحدث قوانين جديدة خاصة لاستثناء الشركات المملوكة حصص الأغلبية فيها من قبل حكومات، كما هو الحال مع «أرامكو».
والحقيقة أنني كنت قد اطلعت على هذه المعلومات قبل نشرها وتداولها إعلامياً بأيام، حيث إنني كنت أحد المشاركين والمتحدثين في منتدى «بي إم جي» السنوي، الذي عقد هذه السنة بمدينة كمبريدج، وكان عنوانه عن رؤية 2030، وحضره كوكبة من الأسماء المهمة اللامعة في شؤون المال والاقتصاد، ومن ضمنهم زافيير روليه رئيس مجموعة السوق المالية بلندن (بورصة لندن)، وقد قال في كلمته إن مجموعته تبذل جهوداً كبيرة لاستضافة اكتتاب «أرامكو»، بالإضافة إلى أنه قد قال لي بعد انتهاء كلمته إنه زار السعودية هذه السنة لترويج خدمات السوق وبورصتها.
لقد كان المنتدى فرصة لمعرفة توجهات السوق الأوروبية عموماً والبريطانية منها خصوصاً وآرائها فيما يتعلق بتفاعلها مع رؤية 2030 السعودية، والكل منهم يرغب في أن يكون لديه طموح المشاركة في الفرص الاستثمارية التي ستوجد وتخلق هناك.
لقد أحسن باسل الغلاييني منظم المنتدى، الذي يعقد للمرة الحادية والعشرين على التوالي، وذلك بجمع أسماء متوازنة ومهمة، لتشارك في هذا المنتدى الذي يستمر في لعب دور تعريفي وترويجي ناجح وفعال ومؤثر عن الاستثمار في السعودية ومزايا التعامل معها، خصوصاً للسوق البريطانية والأوروبية تحديداً.
قدم المنتدى للبريطانيين والأوروبيين نماذج ناجحة من قادة الأعمال السعوديين في مجالات مختلفة، وفرص الاستثمار المتاحة لهم، فقدم أحد قادة الأعمال البارزين، خطة شركته العاملة في مجال السيارات والنقل، وقدم آخر فكرته عن الفرص المتاحة في مجال الإنتاج السينمائي والترفيه، وقدمت أفكار أخرى من شركات مهمة مثل جبل عمر والخطوط السعودية. كذلك تم تسليط الضوء على التحديات الجيوسياسية المحيطة بالمنطقة. ولكن اللافت كان الحوارات التي تحصل في أروقة المنتدى وفرص التعارف بشكل شخصي بعيداً عن الرسميات، خصوصاً أن المنتدى شمل فقرات فنية ورياضية مميزة حصلت على مشاركة من الأمير ويليام شخصياً في لعبة البولو.
السوق البريطانية عموماً والأوروبية أيضاً تعتبر نفسها شريكاً قديماً للسعودية، ولها اهتمامات كبيرة من أجل تنمية وجودها، وانعكاس ذلك على العلاقات بين البلدين لافت وواضح، وملتقيات من نوعية منتدى «بي إم جي» تساهم في هذا التواصل الإيجابي، وخصوصاً أنها جادة ومستمرة ويعد لها بشكل جيد.
اكتتاب «أرامكو» يبقى القصة «المنتظرة» الأهم والأكبر، والسباق للحصول على موقع الاكتتاب يبدو أنه الآن بين بورصتي لندن ونيويورك بعد خروج بورصات الشرق الأقصى من دائرة الاهتمام بالرغم من أنه في بدايات الأمر أبدت بورصات طوكيو وهونغ كونغ وسنغافورة تفاعلاً مع ذلك.
الأيام القليلة القادمة ستشهد تطورات مهمة تحسم فيها القرارات الخاصة بتعيين البورصة الفائزة بهذا الاكتتاب التاريخي.