مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

العيد... لا للمتنبي!

كل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك، فأمس كان يوم «العيد الصغير»، كما يقال في مصر، أو «عيد رمضان» أو «عيد الفطر».
لاحظت في بعض الأحياء بالعاصمة الرياض مؤخرا الحرص على استعادة «التقاليد» القديمة في العيد... «القريقعان» الذي هو توزيع الحلوى على الأطفال، وجولات الصغار على البيوت، ولبس الزاهي للأطفال، وإقامة الولائم في «الحارة» بعد إغلاق شارع صغير ما، ومساهمة ربات البيوت بما لديهن من أطباق.
ما سرّ هذه العودة المتضّوعة بعبق الماضي؟
ربما بسبب تأسي الأسر بانتشار الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا «إنستغرام»، بإحياء هذه التقاليد القديمة.
غير أن السبب الأعمق، حسب توقعي، هو استفحال القلق لدى البشر من تباعد العلاقات «الطبيعية» بين الناس، بسبب طبيعة تصميم البيوت التي تحول كل منها لمساحة معزولة عن الآخر، وبسبب حلول العلاقات الافتراضية، من خلال الـ«سوشيال ميديا»، محل العلاقات الطبيعية.
أمر آخر، هو ضجر الناس من أخبار السوء والقتل والدمار التي تندلق من الشاشات.
بكل حال، وتماشيا مع هذه الروح المنطلقة، نقرأ معاً حزمة أدبيات العيد في النصوص العامية المحلية، ومن الفصيح.
من كتاب الباحث قاسم بن خلف الرويس، بعنوان «بدويات وحضريات»، طالعت:
شاعر العامية العظيم، بندر بن سرور، يعايد بطريقة وقورة:
وترى أبرك الحزاّت يومن صدف عيد
وجمعة أسبوع صادفت يوم عيده
أما الشاعر الملقب بـ«مطوّع نفي»، فلديه هاجس آخر في العيد:
كلن يساير صاحبه في ضحى العيد
وأنا على غضّ الصبايا وجودي!
بينما نجد مع الشاعر الشعبي «الغنائي» الشهير محمد الجنوبي، الذي تغنّى له الراحل بشير حمد شنان، ذكرى مؤلمة:
كلن نهار العيد عايد حبيبه
والتمّ شمل أهل القلوب المواليف
وانا حبيبي غايب الله يجيبه
يا حسرتي وإن غلّق العيد ما شيف!
وإن خرجنا من الشعر العامي النبطي، وذهبنا للفصحى، فكم هي مؤثرة «عيدية» الملك الأندلسي المعتمد بن عباد، حين خلع من ملكه وسجن في محبسه المغربي «أغمات» وزارته بناته الأميرات:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا
فساءك العيد في «أغمات» مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة
يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
يطأن في الطين والأقدام حافية
كأنها لم تطأ مسكا وكافورا
غير أن أشهر بيت يتردد في العيد - لن أقول - من قصيدة المتنبي التي منها:
أصخرة أنا مالي لا تحركني
هذي المدام ولا هذي الأغاريد؟
أبقى الله لنا الفرح والأغاريد.
[email protected]