مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لا ناقة لهم فيها ولا جمل

كل حروب العالم في طول تاريخ البشرية وعرضه، كلها وعلى بكرة أبيها كان منشؤها وهدفها اقتصادياً بالدرجة الأولى – أي أن (الغذاء والماء) هما حجر الزاوية في أي حرب، ولم يكذب صاحب المثل القائل (عض قلبي ولا تعض رغيفي)، ومن باب أولى من يمنع عنك الماء لتروي عطشك.
ومن حسن حظ البشرية أن هناك (علماء) خاضوا حروباً سلمية في مختبراتهم، وحققوا نتائج لولاها لهلك ثلاثة أرباع سكان العالم من الجوع أو العطش، وذلك بما حققوه من مضاعفة للمحاصيل الزراعية مرات عدة، ومضاعفة للمواشي والدجاج آلاف المرات، وأصبح سكان الصحاري القاحلة ينعمون بشرب مياه البحر (المحلاّة).
وهؤلاء العلماء يتحفوننا أو (يصدموننا) نحن النيام بابتكاراتهم المتواصلة كل يوم. ففي (الدنمارك) ابتكروا حلاً لمشكلة نقص مياه الشرب، بجهاز هو عبارة عن فلتر على شكل أنبوب يفيد في تصفية مياه البحيرات والأنهار من البكتريا الملوثة لها في الكثير من المناطق.
ويستطيع الفلتر - حسب القائمين على تصميمه - تنقية المياه من البكتريا بنسبة 99.9 في المائة، إضافة إلى منع انتقال الكثير من الطفيليات الموجودة في المياه بما فيها الكوليرا والسالمونيلا والقولونية وغيرها في بلاد العالم الثالث.
وعلى مبدأ: (اعرف عدوك) – ألا وهو (إسرائيل) -، فاسمحوا لي أن أذكر لكم موقفاً تاريخياً، وذلك عندما تحدى الرئيس الراحل (عبد الناصر) إسرائيل وقال لهم متحدياً وبالفم المليان بما معناه: لتشربوا من البحر الأبيض، وإذا لم يكفكم ذلك لتشربوا أيضاً من البحر الأحمر.
ويبدو أن إسرائيل قد استجابت لطلبه، وها هي اليوم تشرب فعلاً من (الأبيض والأحمر).
لا، وفوق ذلك هناك شركات إسرائيلية صنعت أجهزة تقوم بتخزين مياه الشرب عن طريق تكثيف البخار، الذي يجتاح دول الخليج في موسم الرطوبة.
ويقول المسؤول: إنه بسعر الطاقة الحالي، تقدّر الشركة تكلفة المياه التي تُنتجها بتلك الآلات بما يقل عن (10) سنتات للغالون الواحد، وهي أرخص من أي وسيلة أخرى. كما أنها بثلاثة أحجام: الحجم الصناعي، والحجم الاقتصادي، وآخر للاستخدام المنزلي أو المكتبي.
وبإمكان أصغر جهاز إنتاج (5) غالونات يومياً، في حين أن أكبر جهاز من إصدارات الشركة بإمكانه إنتاج أكثر من (800) غالون في اليوم الواحد، وهذه التقنية قابلة للتطوير بسهولة – انتهى
هم يبتكرون ونحن (نشرب)، هم يصنعون ونحن مثل (الدونكيشوت) نحارب (طواحين الهواء).
هل تعلمون يا سادتي أن جميع تفجيرات (المهابيل) من «داعش» وإخوتها، كان عدد ضحاياها (80 في المائة) هم من المسلمين المساكين الذين لا ناقة لهم في هذه الدنيا ولا جمل؟!