سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

البحث عن أسلوب آخر

إذا ما خطر للكتّاب العرب التعليق على ما يستحق التعليق، من أقوال، وخطوات، وأوامر ترمب، فإنهم لن يكتبوا عن شيء آخر طوال أربع سنوات. طبعًا، لا أحد يستطيع أن يتجاهل هذا الإعصار، لا نحن، ولا الأميركيون، ولا المعنيون بسلام هذا الكوكب في أنحاء الأرض.
يشبه ترمب مصارع «السومو» الياباني: أهميته في ثُقله، الذي يرمي به كله على خصمه. ويجب أن نتعلم فن الرد عليه، ليس «السومو»، لأنها لعبة وزن، وإنما اختيار جذور المعركة. نحن حقوقنا ليست في أن تفرض على أميركا من تستقبل، ومن ترفض. هذا قانونها، وهذا خذلانها أمام العالم أجمع. الذين استنكروه في الغرب وفي أميركا نفسها، كانوا أكثر براعة، وأكثر أدبًا منا، وأكثر فعالية، في التعبير. نحن رفعنا على الفور كليشيهات المؤامرات وصيحات الدبكة. والمسألة أهم، وأعمق، وأخطر بكثير من لغة الأربعينات.
تصور لو أننا اخترنا، مثلاً، أن نقاضي دونالد ترمب. أين؟ في واشنطن أو في لاهاي؟ تصوّر لو أننا أعددنا ردًا قانونيًا مفندًا بدل بيان الجامعة العربية، السهل، المكرر والمعاد. تصور لو استبدلنا بالشتائم والتقريع نوعًا من الكلام الذي كتبه مأمون فندي. لقد أتخمتنا المعارك الخاسرة والسفاهات الفارغة. معركتنا مع رئيس الولايات المتحدة هي في قلب حقوقنا. في ردعه عن اتخاذ خطوة أخطر بكثير من قرار التقسيم. معركتنا معه في قضية تعني العالم أجمع والإنسانية جمعاء في القدس.
أما القول بأننا سوف نبادل أميركا بالمثل في موضوع التأشيرات واللجوء، فهذا مسرح ضاحك. هذا «طاش ما طاش». كأنما الأميركيون يقفون بمئات الآلاف أمام سفارات ليبيا والسودان والعراق وإيران. هذه المواجهة مع إدارة ترمب تتطلب منا أن نثبت القدرة على استخدام العقل والمنطق، وخصوصًا الهدوء، في مواجهة هذا الإعصار، الذي يخوض معاركه منذ اللحظة الأولى على جميع الجبهات ومع معظم الشعوب، من الصين إلى المكسيك إلى البريطانيين إلى ألمانيا إلى الحلف الأطلسي إلى الصحافة الأميركية.
نحن ننسى أن مليون امرأة أميركية تظاهرن يوم تنصيبه. فلنقرر أولوياتنا في المواجهة الطويلة مع الرجل. ويجب أن نفكر في استعادة لاجئينا وإعادة ديارهم، لا أن نفرضهم على هذا الرافض لكرامات البشر.