مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

وبعدها انخرطت بالبكاء

يعجبني ما كان ينظمه (البابليون) في كل سنة، إذ يقيمون مزادًا يعرضون فيه فتيات بسن الزواج، وكان من الطبيعي أن يدفع الرجال مبالغ كبيرة للحصول على الفتيات الأجمل، وتجمع هذه الأموال في النهاية لتكون مهرًا للفتيات الأقل جمالاً، ليتسنى لهن إيجاد الأزواج، وكان (هيرودوت) يعتبر هذه العادة الأكثر حكمة بين كل العادات.
وأنا بدوري أضم صوتي الخافت إلى صوته - على شرط أن أسلم على (النخب الأول) من الفتيات.
طبعًا كلنا يعلم أن ديننا الإسلامي أحل للرجل تعدد الزوجات - ولكن تحت شروط - والتعدد على فكرة كان في الزمان الغابر ساريًا في كل المذاهب والملل، ولكنه مع الوقت بدأ يخف ويكاد ينقطع.
والمرأة بطبيعتها تريد أن تستأثر بالرجل، ويجن جنونها عندما تكون لها (ضُّرة أو طبينة)، وإليكم هذه الواقعة التي حدثت في سوريا قبل عشر سنوات، ولا أدري صدقها من كذبها، فيقال:
دخل رجل على زوجته وهي مشغولة بالبيت، فناداها: يا فلانة. قالت: نعم. قال: تعالي أريدك، لو سمحت. قالت: ماذا عندك؟ قال: تعالي وسوف أعلمك. قالت: يا حبيبي إني مشغولة بكي ملابسك. قال: اتركي الكي وتعالي، قالت: سوف آتي. وبعد ثوانٍ أتت، وهي ترتدي ملابس رائعة، ورائحتها أروع وابتسامتها تفيض بشرًا.
قالت: نعم، تحت أمرك يا حبيبي، فنظر إليها بابتسامة صفراء، وقال: إنني تزوجت عليك.
جلست على الكرسي وهي تنظر إليه وبصوت يرتجف قالت: ماذا قلت؟
قال: أقول إني تزوجت عليك، فهيا خذي لك ملابس واذهبي إلى أهلك، فإنني سوف أسافر أنا وزوجتي الثانية بضعة أيام، فنظرت إليه وهي في حالة بين التصديق والتكذيب لما تسمع.
ومن دون سابق إنذار هب في وجهها، وقال: قومي الآن وضعي لك بعض الملابس فسوف أنتظرك في السيارة، لا تتأخري عليّ، فخرج وهي تنظر إليه شاخصة العينين، دهشة من وقع الخبر عليها، وبعد دقائق معدودة وهي تفتح الباب وتركب معه وبصوت يكاد يختنق قالت: لو سمحت هل يمكن أن تحضر لي الشنطة؟
نزل من سيارته وأخذ شنطتها ووضعها في المقعد الخلفي، وأدار محرك السيارة وتوجه إلى بيت أهلها، وعندما وصلا إلى البيت قال لها: تفضلي انزلي، ففتح الباب ونزل قبلها وأخذ الشنطة، وجاء من عند الباب الذي تجلس عنده فأمسك بيدها، وقال لها: حبيبتي. إنني لم أتزوج، ولكنّ أباك تُوفّي، فما كان منها إلا أن قالت دون شعور منها: أشوووو.....؟! ثم تنهدت، وبعدها انخرطت بالبكاء.