مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

حادثة لها (دلالة)

ذكر لي أحدهم هذه الحادثة التي مضى عليها أكثر من خمسة أعوام، وحصلت في أماكن هي ما بين اليمن الشقيق وأميركا.
وخلاصة ما ذكره لي الذي روى هذه الحادثة (الهمايونية) التي لا تدخل العقل، أنه قال: «اعتاد شحاذ يمني الوقوف على باب المتحف الوطني بصنعاء، فمر به يومًا سائح أجنبي، فمد يده قائلاً له: لله، فرد عليه السائح: what؟!، فقال الشحاذ: لله، فرد عليه السائح مره ثانية: what؟!».
المهم أن الشحاذ يئس منه، فكف يده وتركه ومضى في حال سبيله، وفي هذه الأثناء كان السائح قد سبقه والتقط له صورة للذكرى.
وبعد أيام سافر إلى بلاده، واتصل على صديق عربي له، يعمل في إحدى الجامعات الأميركية، وسأله عن معنى كلمة: (لله).
فقال له: إنها كلمه يقولها الرجل الفقير مستنجدًا بالله ليجد مالاً ليأكل.
وحيث إن ذلك السائح كان رجلاً غنيًا جدًا وله مكانته الاجتماعية، فقد أرسل للشحاذ عبر السفير اليمني في واشنطن الذي يمت بقرابة للرئيس اليمني في ذلك الوقت، أرسل له (مليون دولار) في حقيبة لكي يعمل خيرًا ويبعث بها للشحاذ، وزودهم بالصورة التي التقطها له في الموقع الذي التقاه فيه.
غير أن السفير قال بينه وبين نفسه: «إن مليون دولار كثيرة جدًا على ذلك الشحاذ الكحيان، فـ(200) ألف منها تكفيه وزيادة»، ثم أرسلها لمحافظ صنعاء.
فلما تسلمها المحافظ قال: «إنها كثيرة على ذلك الشخص المعدم الذي قد يصاب بالسكتة القلبية لو أنه شاهدها بين يديه، فخير له (2000) دولار، وهي حلوة وتفي بالغرض، وقد تكفيه شهرًا كاملاً للأكل والتخزين كذلك، وأرسلها بدوره لمدير الشرطة.
ووجد المدير أنها أيضًا كثيرة، فنادى على أحد الجنود وأعطاه (20) دولارًا قائلاً: اذهب إلى المتحف وستجد هناك شحاذًا هذه صورته، وسلمه المبلغ.
ذهب الجندي للشحاذ وسأله: هل تذكر السائح الذي قلت له (لله) وصورك؟!، أجابه: أيوه أتذكره، أجابه الجندي إنه يقول لك: الله كريم.
انتهت هذه الرواية التي دخلت من أذني اليمين لتخرج سريعًا من أذني الشمال، لأنني غير مغفل لكي أصدقها، ولكن ومع ذلك لها (دلالة)، ليس في اليمن فقط وإنما في كثير من البلاد العربية.
ولكن هناك حادثة أخرى أصدقها، لأنها مدعومة بالصور.
والحكاية وما فيها أن هناك رجلاً عمانيًا (مليونيرًا) وطاعنًا بالسن، قد أثار استهجان المجتمع العماني بكامله، بسبب إصراره على أن تمشي خطيبته على مهرها البالغ عشرة ملايين ريال عماني - أي ما يوازي (30) مليون دولار -، وقد شاهدت خطيبته الصغيرة (الفرفورة) وهي تمشي على رزم الملايين.
صدق المثل القائل: (اللي عنده حنّة، معاه حق يحني مؤخرته).