مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

رحلتي الخيالية

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي هذا الخبر الذي عنوانه:
«العالم على ظهر دراجة» – جديد الرحالة السعودي (مشعل السديري).
وتفصيلات الخبر هي كالتالي:
من المحيط المتجمد الشمالي، إلى الدوران الكامل حول أستراليا، إلى عبور كثير من الغابات واجتياز الأودية السحيقة، إلى الممرات الصحراوية النائية، إلى اكتشاف عوالم قل زائروها كحضارة (لانكا) وجزر (الجلاجوس)، إلى جوارح سانت كينز ونهر مانتانا ريس، إلى عواصم نائية (كاتيمبو) وعاصمة إقليم الأداق، إلى بحيرة موري المتجمدة ويانودتابو، إلى مواقع تاريخية كقلعة (ماكيدا)، إلى معبد كورجي زانغتوبنري، إلى جبال (الهيمالايا) والتبت.. قطعت فيها الدراجة النارية ما يقارب (250) ألف كيلومتر. وللمعلومية المسافة من الأرض إلى القمر هي: (380) ألف كيلومتر تقريبا.
وبعدها (عيونكم ما تشوف إلا النور)، فقد توالت عليّ الاتصالات من كل حدب وصوب من الأشخاص الذين أعرفهم، وكلها تشيد برحلتي البطولية تلك، وأغلبهم يستغربون من هوايتي الصعبة هذه التي لم أفصح عنها إلا أخيرًا، ويتعجبون من قدرتي الهائلة على الصمود والتحدي، وكيف أنني استطعت أن أجد الوقت وأن أوفق بين كتابتي شبه اليومية وانطلاقتي على ظهر دراجتي التي لا تتوقف إلا وقت اقتطاعي ساعات قليلة من النوم.
لا أكذب عليكم أن (أذني قد ارتخت) في البداية، وحِلْيِت بعيني الإشادات ببطولتي، وأخذت أتصنع التواضع، وأخذت أقول بين الحين والآخر: «إن هذا شرف لا أدعيه، وتهمة لا أدفعها»، ومع الوقت كدت أصدق نفسي، فقد (عشت الدور) بحق وحقيق.
غير أن الاتصالات عندما زادت عن الحد، استفاق ضميري بعدها فجأة، فحاولت أن أصحح الخبر على أساس أن هناك التباسًا قد حصل، ولا بد من كشف الحقيقة.
وهو أن من قام بهذه الرحلة العتيدة ليس أنا، وإنما تشابه، أو تطابق، الأسماء هو الذي أحدث كل هذا اللغط، والغريب أن بعضهم لا يزال يعتقد أنني أنفي ذلك تواضعًا مني.
أما الحقيقة الناصعة فإن الذي قام بهذه الرحلة أحد أبناء عمومتي الذي أفخر به وهو (مشعل بن فهد السديري) الذي أسعدني سعادتين؛ الأولى: هي أنه جعلني أعيش في أحلام وردية لعدة أيام أرضيت فيها غروري بكثرة ما كيل لي من المديح. والثانية: أنني حمدت الله أنني أشاهد أحد شبابنا المميزين الذي استطاع أن يثبت أنه ليس هناك شيء صعب أو مستحيل إذا تحلى الإنسان بالشجاعة والفكر والصبر.
وبالمناسبة فالأخ مشعل أصدر كتابًا أنيقًا من الحجم المتوسط (280) صفحة، يهدف فيه إلى التشجيع على الترحال والفكر المبني على ثقافات الشعوب المختلفة في أرجاء العالم.
وأرجو منه في البداية أن يقبل اعتذاري. وأخيرًا أن يعتبر مقالي هذا دعاية لكتابه، دون أي مقابل.