مصطفى الآغا
TT

نعم.. للخصخصة

وصفوه بالقرار التاريخي وأعتقد أنه كذلك، فالانتقال من مرحلة الرياضة الحكومية المعتمدة على الدولة وعلى منشآت الدولة، ومن تبرعات أعضاء الشرف ومساهماتهم وما يأتي من الاشتراكات وتذاكر المباريات وحقوق النقل التلفزيوني، ثم من متاجر بعض الأندية الكبيرة، إلى مرحلة التملك الفردي أو لمجموعة أفراد، ليس بالانتقال العادي بل هو انتقال تاريخي من حقبة إلى حقبة أخرى مختلفة استغرقت سنوات طويلة من التفكير والدراسات والنقاشات حتى وصلت إلى أن تكون قرارًا في مجلس الوزراء السعودي يعلن ولادة عصر جديد للرياضة هناك، وهذا لا ينفي أن البعض متخوف من الخطوة كاختفاء بقية الألعاب مثلاً، لأن رأس المال سيبحث عن السلعة الأكثر رواجًا، وبالتالي هي كرة القدم، فلماذا يصرف على السباحة وكرة الماء وألعاب القوى والمصارعة مثلاً؟
ولكن من صاغوا قرار الخصخصة لم تفتهم هذه الأمور قطّ، وكل شيء محسوب ومدروس بعناية لأن من تصدى للمهمة هو الأمير عبد الله بن مساعد قبل تسلمه هرم المسؤولية الرياضية بسنوات، وهو رجل حازم وصارم وفاهم وفي الوقت ذاته عاشق للرياضة، ويرأس هيئتها المعنية بكل الألعاب وليس بكرة القدم وحدها.
البعض متخوف أيضًا من أن تذهب الأندية الصغيرة والمتوسطة ضحية الخصخصة لأنها لن تجذب رؤوس الأموال التي ستتركز على الأندية الكبيرة وصاحبة الجماهيرية (التسويقية)، ولكن من ينظر إلى تجارب الآخرين سيجد أن الأندية المتوسطة والصغيرة قادرة على أن تكون مصدر أرباح خيالية لو عرف من سيشترونها كيف يديرونها، فنادي ليستر الذي تأسس عام 1884 لم يحرز الدوري الإنجليزي ولا مرة في تاريخه، فأفضل ما حققه كان الوصافة موسم 1928 - 1929 أي قبل 87 سنة، وهو ليس من الفئة الكبيرة ولا حتى المتوسطة، وعندما فكر تاسع أغنى رجل في تايلاند، ويدعى فيشاي سريفادانا برابا، في شرائه عام 2010 لم يكن يقدم على مجرد هواية أو مغامرة غير محسوبة، وبعد خمس سنوات فقط تمكن من تحقيق ما عجز عنه النادي منذ 132 سنة وبلاعبين بأسعار رخيصة وبعضهم «ببلاش» وبمدرب كبير، ولكن سنواته الأخيرة لم تشهد نجاحات بقدر ما شهدت من تفنيشات.
وعندما بدأ موسم 2014 - 2015 راهن 24 شخصًا فقط في كل العالم على تتويجه بطلاً... وفعلها وربح المالك عشرات الملايين من الجنيهات، لا بل قيل إن ما ربحه يصل إلى نصف مليار إسترليني، ولمعلوماتكم هي لم تكن «رب رمية من غير رامٍ»، ففي عام 2014 قال مالك النادي هذه الكلمات: «لديّ خطة ستجعل ليستر سيتي من أفضل 5 أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال 3 سنوات».
وبالطبع قوبل الرجل بالسخرية والتهكم، ولكن من يضحك الآن؟
نعم للخصخصة في كل دولنا العربية وليس في السعودية وحدها.