طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

هل أول درس لترامب.. بوتين؟

بعد أيام من انتخاب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، سعى الزعيم الروسي فلاديمير بوتين للاجتماع مع الرئيس المنتخب حينها، لكن فريق بوش وقتها أجل الاجتماع لأشهر. عقد الاجتماع، بين بوش وبوتين، في عام 2001. بعد الاجتماع صرح بوش بأن الاجتماع كان «جيدًا جدًا»، مضيفًا، وهو يقف جنبًا إلى جنب مع الرئيس بوتين: «وجدته صادقًا ومباشرًا ومحبًا لبلاده».
وقال بوش إنه نظر إلى عيني بوتين وتعرف على مكنونه، مضيفًا أن بوتين هو «الزعيم الذي يمكن للأميركيين الوثوق به». لكن في السنوات الأخيرة تحدث الرئيس الأميركي السابق بوش عن تجربة علاقته ببوتين، معبرًا عنها بمرارة بلغت حد قول بوش إن بوتين أذل كلبه! يقول بوش إن علاقته بالرئيس بوتين تدهورت بمرور السنين، مضيفًا أن بوتين ينظر إلى أميركا «كعدو»، ويعتبر العلاقة بين واشنطن وموسكو هي علاقة تنافس، وعبارة عن رابح وخاسر. وقال بوش إن بوتين بلغ حد إثارة استيائه بطريقة تعامله مع كلبه «بارني»، الذي يحظى بمكانة خاصة في قلب بوش، الذي يقول قدمته إلى بوتين، وأذلّه قائلاً: «هل تدعو هذا كلبًا؟».
حسنًا، هذا هو «شعور» الرئيس بوش الابن، الذي قاد حربين في وقت واحد، في العراق وأفغانستان، تجاه بوتين. بوش الذي رأى أن العالم يقوم على مبدأ «إما معي، أو ضدي»، هكذا قيم العلاقة مع الرئيس بوتين، مبديًا خيبة أمله بعد أن «أحسن» الظن فيه. وطوال الأعوام السبعة الماضية، وإلى الآن، رأينا، ونرى ما فعله، ويفعله الرئيس بوتين في الرئيس الأميركي المغادر باراك أوباما، من أوكرانيا، إلى سوريا، وبعد كل هذا يأتي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ليقول إنه يرى في الرئيس بوتين الرجل القوي، الذي يستحق التقدير، كما يقول ترامب: «أليس من الرائع لو تحسنت علاقتنا مع روسيا»! هنا قد يقول قائل إنه من الممكن أن يكون لدى ترامب قدرات لم تكن لدى بوش الابن، أو أوباما، خصوصًا وأن ترامب دائمًا ما يتفاخر بقدراته التفاوضية؟
والحقيقة أن لا معنى لهذا في السياسة، فإشكالية ترامب مع بوتين، وروسيا، اليوم هي إشكالية بوش نفسها، الذي رأى في بوتين ما يراه ترامب الآن، كما أن إشكالية ترامب الآن من موقفه من بوتين وروسيا، هي إشكالية أوباما نفسها، الذي رأى نفسه مختلفًا عن بوش، لكن أحدًا منهما لم ينجح في فهم بوتين، أو روسيا. ولذا نجد القلق الأوروبي الآن من الموقف الأميركي الجديد تجاه روسيا، وبوتين، سواء في أوكرانيا، أو حلف الناتو، أو في سوريا، ولذا فإن السؤال هنا هو: هل يكون بوتين أول درس سياسي لترامب؟ الإشكالية هي أن الثمن سيكون مكلفًا لأوروبا، ومنطقتنا، والعالم ككل.