محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

أخلاقيات سيارات المستقبل!

يعكف العلماء حاليًا على الاستفادة من دراسة شهيرة لمعهد «MIT» لدراسة كيف يتصرف الناس في الحوادث الخطيرة، وذلك لكي يدخلوا ردود الفعل تلك في حواسيب سيارات المستقبل، بحيث تتمكن السيارة من تقليل تداعيات الحوادث، كأن تقرر الاصطدام بسيارة صغيرة بدلاً من حافلة كبيرة تقل أطفال مدرسة!
وهذا تقدم «كبير ومذهل» في تكنولوجيا التعلم الآلي وفق حواري مع الكويتي الدكتور محمد قاسم، الأستاذ الزائر بجامعة ساوثهامبتون البريطانية. ورغم أن التكنولوجيا في طور التطوير فإن أخلاقيات سيارة «غوغل» ذاتية الدفع التي تجوب شوارع الكرة الأرضية واضحة، فهي لم تتعرض إلا لحادثين أحدثهما حادث كان بسبب «خطأ ارتكبه قائد السيارة الأخرى التي تجاوزت الإشارة الحمراء»، حسب ما أخبرني الدكتور قاسم!
وقد شاهدت في موقع شركة «إنفيديا» شريط فيديو يظهر أن تقنيتها الجديدة للسيارات تتخذ قرارات أسرع من البشر، بل وتتعلم ذاتيًا من كيفية تعامل قائد المركبة مع عوارض الطريق، مثل تفادي الاصطدام بالحواجز الإسمنتية، والأرصفة، وأعمدة الإنارة، والخطوط الأرضية، والإشارات، وهو أمر مذهل في صناعة السيارات وتعزيز عميق لأخلاقيات القيادة.
ما يهمني أن السيارة، الجماد، سوف تتابع سلوكنا الإيجابي وتتعلم منه.. ألسنا بصفتنا بشرا أولى بذلك منها؟! فلو حاول كل منا التركيز الشديد في طريقه، والتزم آداب الطريق، فلا شك أن ذلك سوف يسهم في تخفيض عدد من يقضون نحبهم سنويًا في الطرقات (1.25 مليون)، فضلا عن «عدد ما بين 20 و50 مليونا ممن يتعرّضون لإصابات غير مميتة»، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وبشكل عام، لو تبنى كل منا سلوكًا واحدًا محمودًا في الأسبوع، وحاول جهده التخلص من عادة سلبية أو قلل منها، فهذه نحو 48 عادة إيجابية سيكتسبها سنويًا، وسوف يكون بإمكانه أن يئد نحو 48 عادة سلبية. ولن يلحظ التغير في سلوكنا سوى صديق رآنا بعد ردح من الزمن فلمس فارق التغير.
التقدم التكنولوجي في عالم السيارات وأخلاقياتها ليس استعراضا بحثيًا بل حقيقة، فبريطانيا وحدها التي أطلقت قبل أيام أول وسيلة نقل عامة ذاتية الدفع (من دون سائق) تبني فعليًا قطاعًا واعدًا يتوقع أن تبلغ قيمته 900 مليار إسترليني بحلول 2025.
فإذا كانت سيارات المستقبل ستدهشنا بقمة أخلاقها، فمن باب أولى أن يبدأ الإنسان فورًا بذلك.. فهو مصدر الخُلق الرفيع!