محمد النغيمش
كاتب كويتي
TT

العرب في نظرية هوفستد

من أشهر الأبحاث وأوسعها نطاقًا التي تستخدم في تخصص الإدارة وغيره، نظرية العالِم هوفستد التي درس فيها نحو عشرات البلدان، منها دول عربية، وجاء بأربعة أبعاد ثقافية culture تعكس الفوارق الملحوظة بين ثقافات البشر.
اطلعت على دراسته التي نشرت في كتاب يناهز الألف كلمة التي وجد فيها فروقات ملحوظة في الثقافة العربية مقارنة بالغربية منها «مسافة السلطة» power distance، وهو مؤشر يقيس إلى أي مدى يقبل الناس في منطقتنا العربية بأن يقودهم أو يتبوأ أحد في مجتمعهم منصبًا رفيعًا لا يستحقه. واللافت أن الأفراد الأقل سلطة في مجتمعاتنا «يتقبلون» أي سلطة فوقهم وإن كان فيها نزعة استبدادية أو أبوية، بل يعترفون أن هؤلاء الذين يقودون يستمدون قوتهم بحكم موقعهم في الهيكل الهرمي بالمؤسسة التي يعملون بها.
والعكس صحيح، فقد ظهر في مجتمعات غربية نفور وعدم قبول أو توقع بأن يقودهم أشخاص غير أكفاء. وتبين أن علاقاتهم تقوم على توقعهم وقبولهم بأن تبنى علاقات القوة في مجتمعهم على الاستشارة أو الديمقراطية.
ربما لم يضف العالِم هوفستد جديدًا لتوقعاتنا، لكنه بلا شك جاء بديلاً علميًا معتبرًا. وأضحت نظريته معيارًا دوليًا يعتد به في التعامل مع مختلف الثقافات، التي حددها بالدول. وهو لم يقلب مواجعنا فحسب، بل دق ناقوس الخطر عن استمرارية هذا الوضع المثير للإحباط في أجيال الشباب الطموح، الذي أفنى عمره في تخصص أو تعليم قيل له إنه سيكون بوابتك لمستقبل مشرف، ثم يُفاجأ بأن حلمه بمنصب ما قد خطفه منه من لا يستحقه، وكدس حوله من هم أسوأ منه في الإدارة إمعانًا في تحطيم معنويات الشباب.
من هنا نتفهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: إذا وُسِّد الأمرُ إلى غير أهلِه فانتظِر الساعة.
يتبع.