تشارلز بلو
كاتب أميركي
TT

انهيار الجمهوريين

نجح الكونغرس أخيرا في التوصل إلى اتفاق لإنهاء أزمة إغلاق الحكومة وتفادي التعسر، بيد أن ذلك الأمر لن يكون قبل أن يوضح الحزب الديمقراطي للأميركيين مدى تضارب ذلك وخطورته.

وفي هذا الأسبوع، وصف بنيامين ويتس، أحد الزملاء القدامى في دراسات الإدارة بمؤسسة بروكينغز، الكونغرس الحالي بأنه أشد خطرا على الأمن القومي من تنظيم القاعدة. وأشار ويتس قائلا «لا نميل إلى التحدث عن الكونغرس في هذه المرحلة؛ فوفقا لما يبدو عليه الحال بوضوح، يعد الكونغرس هو أوضح المخاطر الموجودة حاليا وأكثرها وجودا على مستوى العالم بالنسبة للأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية».

ويعد هذا الوضع هو ما أوصلنا إليه المجلس الذي يقوده الحزب الجمهوري. ويعرف المحافظون خارج مجلس النواب الهزيمة عندما يرونها، ويرغبون في العيش لمحاربة ذلك مرة أخرى، ولكنهم يحاولون من دون جدوى؛ حيث إن عويلهم لا يلقى إلا آذانا صماء من مجموعات الموت السياسية المنتمية لأقصى اليمين.

وفي يوم الثلاثاء الماضي، انتقدت المقالات الافتتاحية بصحيفة «وول ستريت جورنال» المحافظة ذلك الوضع قائلة:

«هذه هي نوعية التفكير - أو عدمه - التي أثرت على الكثير من المحافظين الجمهوريين من بداية الكشف عن الميزانية. وقد اختاروا هدفا لم يكن باستطاعتهم تحقيقه في محاولتهم وقف تمويل برنامج (أوباما كير) من إحدى غرفتي الكونغرس، ثم حصلوا على وسيلة لم يتسنَ لهم تعزيزها سياسيا من خلال السعي لإغلاق الحكومة لفترة طويلة والتهديد بتوجيه ضربة من خلال مسألة سقف الدين».

وصرح السيناتور جون ماكين الأسبوع الماضي قائلا «يجب على الجمهوريين أن يتفهموا أننا خسرنا هذه المعركة، وحسبما تنبأت منذ أسابيع، فلم نكن قادرين على الفوز بتلك المعركة لأننا كنا نطالب بشيء يتعذر تحقيقه».

وقد جعل السيناتور ليندسي غراهام هذا الأمر أكثر وضوحا قائلا «لقد تجازونا الحد وبالغنا في الأمر بالفعل. لقد ارتكبنا خطأ فادحا».

بيد أنه لا يمكن الدخول في جدال مع العناصر المتحفظة بالمجلس، حيث يفضلون الهزيمة في وهيج المجد أو - على الأقل - الدفع بالبلاد للوصول إلى ذلك.

ومن المثير للجدل أنه ليس هناك أي شخص يواجه هذه الكارثة أكثر من السيناتور تيد كروز (النائب الجمهوري عن ولاية تكساس)، الذي يصفه بيتر كينغ، أحد الممثلين الجمهوريين في نيويورك، بأنه «مخادع» و«مدع كاذب» ساعد في تنسيق ذلك الأمر.

وقد اتخذت لجنة المحررين بصحيفة «هيوستن كرونيكل» في يوم الثلاثاء الماضي خطوة غير معتادة من خلال محاولة سحب دعمها لكروز، وهو الدعم الذي ساعد بلا شك في انتخابه. ويبدأ أحد العناوين المنشورة على صفحة الموقع الإلكتروني بسؤال: «هل يفتقد أي شخص آخر السيناتور كاي بيلي هاتشيسون، الذي حل محله السيناتور كروز»؟ وأضاف الخبر المنشور: «لقد دعمنا تيد كروز في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث فعلنا ذلك مع وجود الكثير من التحفظات، ومع وجود توصية واحدة محددة على الأقل تتمثل في سيره على نهج هاتشيسون في سلوكه كسيناتور، ومن الواضح بالتأكيد أنه لم يفعل ذلك. فلقد كان كروز جزءا من المشكلة في مواقف معينة، في حين أنه في حال وجود هاتشيسون، لأصبح جزءا من الحل».

يبدو أن الجميع بدأوا يدركون حجم الكارثة التي باتت تمثلها هذه المجموعة من الجمهوريين المتطرفين ومدى إضرارهم بعمل نظامنا الديمقراطي. فكما أرى، تحقيق هدف متأخر أفضل من عدم تحقيقه على الإطلاق.

ووفقا لاستطلاعات الرأي التي أجرتها «بيو» و«غالوب» وشبكة «فوكس نيوز» وجامعة كوينبياك، فقد انخفض التقييم الإيجابي لكروز ووصل إلى مستوى منحدر.

وطبقا لأحد الاستطلاعات الذي أجرته شبكة «إن بي سي» الإخبارية وجريدة «وول ستريت» في الأسبوع الماضي، فقد انخفضت الآراء بشأن الحزب الجمهوري لتسجل مستويات متدنية، ويعتقد 70 في المائة من الأشخاص الذين أدلوا بآرائهم أن الجمهوريين في الكونغرس كانوا يعطون الأولوية لأجندتهم السياسية ويفضلونها على ما يصب في مصلحة البلاد.

وكشف الاستطلاع أيضا عن تنامي الشعور السلبي تجاه حزب الشاي، حيث ذكر 47 من المشاركين في الاستطلاع أن لديهم إحساسا سلبيا تجاه الحزب، وتضمن ذلك نسبة 34 في المائة وصفوا شعورهم بأنه «سلبي للغاية». ويقول 21 في المائة فقط من الأميركيين في الوقت الحالي إن لديهم شعورا إيجابيا تجاه المجموعة.

ولكن عندما سُئل كروز يوم الجمعة الماضي بشأن نتيجة هذا الاستطلاع، نبذه بوصفه مشتملا على منهجية معضلة. وقال كروز «إذا بحثت عن المؤيدين الليبراليين لأوباما وسألتهم عن آرائهم، فإنهم سيخبرونك أنهم مؤيدو أوباما الليبراليون. ولا يعد ذلك انعكاسا لما عليه حالة البلاد». وفي الواقع، فإن منهجية كروز هي التي يشوبها العيب والنقص. فقد تكون طريقته في تفخيم الكلام وتنميق الأسلوب هي التي تسببت في كارثة للحزب الجمهوري.

وبحسب تقرير مركز «بيو» للدراسات - الذي صدر في يوم الثلاثاء الماضي - «في الوقت الحالي، يرى نسبة 74% من المصوتين المسجلين ضرورة عدم إعادة انتخاب معظم أعضاء الكونغرس في عام 2014 (في حين ترى نسبة 18% فقط منهم ضرورة إعادة انتخابهم). وبالمقارنة، ففي مراحل مماثلة في كل من دورات انتخابات التجديد النصفي في 2006 و2010، أراد نحو نصف المقترعين المسجلين فقط استبدال معظم الأعضاء».

* خدمة «نيويورك تايمز»