مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

يا الله.. كم أنا (سفسوط)

لكي تعلموا أن العواطف والإخلاص ليست حكرًا على بني البشر، اقرأوا معي هذا الخبر:
كان أمين قسم الطيور في حديقة الحيوانات بنيويورك، يلقي نظرة على أحد الأقسام، فلاحظ أنثى طائر من نوع (الأنبس) مكسورة المنقار، والمنقار بالنسبة لأي طائر يعتبر بمثابة سكينه وكوبه وأصابعه، ومن دونه يموت الطائر جوعًا، وزاد تعجبه عندما لاحظ أن هذه الأنثى سمينة، وبعد الفحص ظهر أن المنقار لم يكسر منذ وقت قريب، فقد كان غشاؤه ملتئمًا أملس.
وما لبث أمين القسم أن رأى طائرًا ذكرًا يحمل بمنقاره قليلاً من فتات البيض إلى الأنثى و(يزقه) في ثقب منقارها، وكانت الأنثى تصوّت وتصفق بجناحيها، كما تفعل أنثى الطير حين تتوسل إلى صاحبها أن يطعمها زمن التناسل، وكان الذكر يعود ليأتيها بقدر آخر من فتات الثمر.
وظل الذكر مقيمًا على إطعام الأنثى العاجزة، فلما مات بعد ثلاث سنوات، عني حفظة قسم الطيور بأن يفعلوا لها ما كان يفعل، ولكن هيهات أن يكونوا لها كما كان صاحبها، فلم يمض أسبوع حتى ماتت الأنثى - انتهى.
يا سبحان الله، وبالمقابل لو أن صاحبة لي أنا شخصيًا قد أصيبت بداء عضال وأصبحت بعدها لا تستطيع أن تفتح فمها وحدها، فمن المشكوك فيه أن أتعب حالي بفتح فمها يوميًا لـ(أزغطها) بالطعام كأي بطة، إنني ساعتها سوف أهجرها - أي أتركها نهائيًا لتتدبر هي حالها، وأبحث أنا عن صاحبة أخرى فمها يشبه ماكينة (الزلط) - أي الحجارة، لـ(تزغطني) هي بدلاً من أن (أزغطها).
***
ليس هناك أكثر شناعة من مشاهدة الجهل وهو يعمل، أو حتى وهو يلعب الكرة، أو نطة الحبل.
***
في إحدى المناسبات كنت أجلس بجانب أحد المحامين، فاستغللتُ الفرصة وسألته عن مشكلة مالية تخصني، طالبًا منه النصيحة بكيفية خروجي منها، فأعطاني النصيحة، وعانقته شاكرًا وخرجت مبسوطًا.
وتفاجأت بالنذل يبعث لي في اليوم التالي بخطاب يطلب مني فيه أن أدفع له (5000 ريال) لقاء استشارته التي لم تستغرق سوى (5 دقائق)، وإلا فإنه سوف يرفع مضطرًا قضية ضدي، خصوصًا وهو قد أشهد شهودًا على ذلك.
فأصابتني كآبة، وأصبح وجهي وقتها كوجه (غرسون) مطعم لم يحصل على (بخشيش).
***
السفسطة هي: القدرة على أن تفعل أي شيء تقريبًا دون أن تشعر بالذنب..
يا الله، كم أنا (سفسوط).