مارك والاس
* السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمجموعة «متحدون ضد إيران النووية» (يواني)
TT

كيف نكبح جماح ماكينة الإرهاب الإيرانية؟

التقرير السنوي للخارجية الأميركية حول الإرهاب العالمي، الذي وضع جمهورية إيران الإسلامية في مقدمة الدول الراعية للإرهاب، لا ينبغي أن يشكل مفاجأة، إذ إن الولايات المتحدة كانت قد أدرجت إيران ضمن الدول الراعية للإرهاب منذ عام 1984. أولاً، لا بد أن نعي جيدًا مفهوم «الدولة الراعية للإرهاب» من وجهة نظر السلطات الأميركية، وهو استخدام الدولة المتعمد للإرهاب، أو مساعدة منظمات إرهابية، كأداة سياسة خارجية ضد دول أو شعوب أخرى. وقد يأتي ذلك إما في صورة هجمات مباشرة من قبل الدولة، أو في صورة دعم التنظيمات الإرهابية، كتقديم السلاح والمال والتدريب والملاذ.
وفي حالة نظام «آية الله» في إيران، ما من أحد في المعمورة جمعاء يستطيع إنكار حقيقة أن السمة الطاغية للنظام الراهن في طهران، ومنذ أزمة الرهائن الأميركيين عام 1979، هي الاستخدام المعتاد للإرهاب ضد الولايات المتحدة وحلفائها حول العالم. وبالإضافة للقيام بهجمات مباشرة، ارتكبت إيران أعمالاً إرهابية بواسطة «حزب الله» و«طالبان» وميليشيات مسلحة في العراق، وتنظيمات إرهابية أخرى كثيرة. وتزخر إيران بتاريخ طويل حافل من الاعتداءات الإرهابية في حق الولايات المتحدة، أهمها التفجيرات والاختطافات، ناهيك عن تعرض القيادات الإيرانية الموجودة في المنفى لسلسلة من الاغتيالات.
ولقد أدت الحرب الدموية الدائرة في سوريا إلى زيادة ملحوظة في تكتيكات إيران الإرهابية، وليس عجيبًا أن الحكومة الأميركية لاحظت ارتفاعًا هائلاً في رعاية إيران للإرهاب منذ عام 2012، إذ إن الممارسات الإرهابية لإيران و«حزب الله» فقزت إلى مستويات لم نعهدها منذ التسعينات. وليس من باب الصدفة وصف وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندوليزا رايس، إيران بأنها «البنك المركزي للإرهاب».
وتقوم إيران بتوفير المال والسلاح والتدريبات لكثير من الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا واليمن، من خلال «فيلق القدس»، وهي وحدة قوات خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني. وتصف الولايات المتحدة فرقة «فيلق القدس» بأنها الآلية الرئيسية للنظام الحاكم في إيران لتنمية ودعم الإرهابيين والمقاتلين من أجل خدمة مصالح إيران القومية. وقد قام «فيلق القدس» بتزويد الميليشيات الشيعية في العراق بقذائف الهاون والأسلحة الأوتوماتيكية والصواريخ المتطورة وبنادق القنص وغيرها.
ولقد ساهمت إيران في ولادة تنظيم «حزب الله»، وقدمت له دعمًا حاسمًا طوال مسيرته. ويلتزم قادة الحزب تمامًا بولائهم للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي بالمقابل يمدّهم بـ100 - 200 مليون دولار سنويًا، بالإضافة إلى آلاف الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.
كما يشرف «فيلق القدس» على معسكرات التدريب التابعة لحزب الله في البقاع اللبناني، في حين تشير التقارير إلى أن أكثر من 3000 مقاتل للحزب تم تدريبهم على يد الحرس الثوري في إيران. وهنالك أدلة موثقة على أن تنظيم «حزب الله» متورط بأعمال إجرامية غير مشروعة، خاصة في منطقة الحدود الثلاثية بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي في أميركا الجنوبية. وتتضمن هذه الأعمال المحظورة للحزب تجارة المخدرات، وسرقة الملكية الفكرية، وغسل الأموال. وقد أسّس تنظيم «حزب الله» الإرهابي شبكة عالمية لتهريب المخدرات بين الولايات المتحدة وأوروبا، حسب تقرير «إدارة مكافحة المخدرات الأميركية».
وقد اعتادت إيران على استخدام أذرعها الإرهابية داخل الدول المجاورة لها، وأكبر مثال على ذلك تفجير أبراج الخبر، وهو هجوم إرهابي على مجمع سكني للقوات الأميركية في مدينة الخبر (في السعودية) أدى إلى مقتل 19 أميركيًا، وإصابة 372 آخرين عام 1996. وقد تم إدانة 14 عضوًا من تنظيم «حزب الله» السعودي، المدعوم إيرانيًا، بتنفيذ هذا الهجوم الإرهابي بواسطة شاحنة متفجرات تم ركنها في موقف المجمع.
ويجب التنويه أيضًا إلى أن زعيم تنظيم «القاعدة» السابق، أسامة بن لادن، أسس شراكة استراتيجية بين «القاعدة» وتنظيم «حزب الله» الإرهابي، حصلت بموجبها «القاعدة» على المتفجرات من إيران والتدريب من «حزب الله». بالإضافة إلى ذلك، فإن القائد والخبير الأمني في «حزب الله»، عماد مغنية، حثّ أسامة بن لادن على تبني سياسة الهجمات المتزامنة، الأمر الذي بدا جليًا في عمليات «القاعدة» التالية، كهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في نيويورك، وتفجيرات شرق أفريقيا. كما، كشفت بعض التقارير الاستخباراتية عن أن مدربين من «حزب الله» وخبراء من وزارة الإعلام الإيرانية قاموا بتدريب عناصر «القاعدة» في كل من السودان ولبنان وإيران.
إن جميع الأمثلة آنفة الذكر تشكل دليلاً قاطعًا على تورط النظام الإيراني في الإرهاب. وفي الحقيقة، لقد أصبح الإرهاب جزءًا لا يتجزأ من النظام الإيراني، فلا الإرهاب العالمي يستطيع العيش دون النظام الإيراني، ولا هذا النظام القمعي يستطيع العيش من دون الإرهاب العالمي. إن عودة إيران، التي تعتبر المموّل الرئيسي للتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط والعالم، إلى خريطة الاستثمار العالمية سوف تعزز من حدة التهديدات التي يشكلها هذا البلد للأمن والاستقرار العالميين. ولذلك، على المستثمرين الأجانب أن يعلموا تمامًا أن كل دولار يتم ضخه في هذا البلد سيسهم بطريقة أو بأخرى في تمويل تنظيم إرهابي ما في العالم.

* السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، والرئيس التنفيذي لمجموعة «متحدون ضد إيران النووية»