مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

بي شيء من طباع الكلب

اطلعت على تحقيق ميداني عن العنف الذي تتعرض له المرأة العربية عمومًا والخليجية خصوصًا.. ليس العنف اللفظي فقط، ولكنه يصل إلى الضرب الذي قد يؤدي إلى القتل أحيانًا. الواقع أنني ذهلت وتألمت وتذكرت قول الرحمن سبحانه بأن جعل كلاً من الزوجين (سكنًا) للآخر تحوطهما المودة والرحمة بالإمساك (بمعروف)، وإذا غلبت الروم... وأوصدت الأبواب نهائيًا فتسريح (بإحسان)، ويا دار ما دخلك شر.
أما أن يتحول (العقال) الذي يوضع على الرأس كمثال على العزة والشرف، يتحول هذا الرمز كسلاح في يد رجل معتوه ومريض، ليلهب به جسد زوجته الضعيفة والمسكينة أمام أبنائها الذين يتملكهم الرعب، وينمو في نفوسهم الحقد بعد ذلك، فهذا هو التسلط والاستعراض الممجوج بعينه، الذي لا يمت للرجولة الحقة بصلة لا من قريب أو بعيد.
بل إن الكثير من أشباه الرجال المستأسدين فقط على زوجاتهم، تجد الواحد منهم في عمله يتحول إلى نعامة بل وإلى دجاجة خانعة منافقة أمام رئيسه.
وفي هذا الصدد ومن تراثنا العظيم (بالعنف) الأسري في العراق مثلاً، بأن تحول التراث إلى فن يغنى حتى على المسارح وفي الحفلات وترقص على ألحانه ومزاميره الراقصات.
ومن هو الذي لا يذكر أبيات الشعر الركيكة المؤلمة التي أخرجتها وأبدعتها إحدى الزوجات، موجهة صرختها في وجه ثورها - أقصد زوجها - الذي لا ينقصه سوى القرون وتقول:
لا تضربني لا تضربني - كسرت الخيزرانه
صار لي سنة وسبع شهور - من ضربتك وجعانه
وما أحوجنا في بعض البلاد العربية إلى إنشاء (جمعية حماية الزوجات) كتلك التي أسسها الإسبان في (مدريد)، ويبلغ أعضاؤها أكثر من خمسة آلاف سيدة.
ومن أهدافها حماية المرأة المتزوجة من الانحرافات التي قد تصيب زوجها، مثل إسرافه في شرب الخمر، أو عودته في ساعة متأخرة من الليل، أو مد يده عليها بالضرب، والوسيلة التي يعاقب بها الزوج المنحرف هي التشهير به، وحرمانه من زوجته لمدة معينة.
وأختم مقالي هذا بمفاجأة قد لا يعرفها البعض، فذكر الكلب، وهو الكلب، أكثر (جنتلة ورقيًا) من الرجل الإنسان بمعاملته لأنثاه.
هل تعلمون أن الكلب عمومًا لا يعض قط أنثاه، وتبقى الكلبة محرّمة عليه وتسمح لنفسها الإتيان بكل شيء تجاهه، من العضعضة إلى العض الحقيقي.
فهي على ثقة أن الكلب لن يهاجمها، كما أنه لن يهرب من طريقها لأن كرامته تحول دون اللجوء إلى مثل هذا الحل، فالدفاع الوحيد أمامه هو إبراز قناع وإشارات تدل على الاحترام والمراعاة، يتمكن بواسطتها من أن يحوّل مهاجمة الأنثى إلى نوع من المداعبة.
ومن هذه الناحية، أعترف أن بي شيئا من طباع الكلب – ولا فخر -.