مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

شعرة من جلد الخنزير فائدة

لفت نظري أن (90 في المائة) من الدعاة المطاوعة والمحتسبين الذين يحضون الناس على الصلاة - جزاهم الله خيرًا - يرهبون الناس دون أن يشعروا قائلين: «إذا لم تصلوا سوف تدخلون النار»، وذلك بدلاً من أن يبعثوا الأمل في نفوسهم قائلين: «لو صليتم سوف تدخلون الجنة - مع أن المسألة واحدة - يعني (صبها واحقنها).
لا أعلم هل هي أمراض نفسية مستوطنة وأنا لا أدري.
***
عندما كنت أدرس بالخارج، كنت بين الحين والآخر أشتري ورقة (يا نصيب)، لتحديد نتائج مباريات كرة القدم التي تجري أسبوعيًا، ودائمًا ما كانت تفشل توقعاتي. وفي ذلك الوقت كنت أتعامل مع صاحب مغسلة بجانب مسكني لتنظيف (خلاقيني)، أي ملابسي، وذهبت إليه في أحد الأيام لاستعمل غسيلي، فاستقبلني بابتسامة عريضة دون أن يمد لي الفاتورة كالعادة وهو يقول لي بما معناه: (ما بين الطيبين حساب).
الله (!!)، الواقع أنني تفاجأت من طريقته وبدأ الفأر الخبيث يلعب بعبّي، حيث إنني لم أقتنع بكلامه، وبعد الاستفسارات اعترف لي أنه وجد ورقة اليانصيب في أحد جيوبي، وكانت من الأوراق الرابحة مع أكثر من (عشرة آلاف) رابح، وذهب بها هو وقبض الربح حلالاً زلالاً.
أسقط بيدي وقتها، وعرفت أن لا مدخل عندي ضده، عندها تذكرت مثلنا البدوي القائل: (إذا كان عشاك مأكول مأكول فرحب)، لهذا هنأته على ربحه وأنا صاغر. و(جنتلة) منه عندما لاحظ أن خاطري مكسور، ما كان منه إلا أن يعزمني تلك الليلة على العشاء، فقبلت دعوته وأنا أقول بيني وبين نفسي: (شعرة من جلد الخنزير فايدة). ولا أدري إلى الآن كم ربح ذلك (النمس)، ولكنني دعوت من أعماق قلبي أن لا يوفقه الله في عمله، وأشك أن الله قد استجاب لدعوتي، لأنني لاحظت أن زبائنه دائمًا في ازدياد. ومن يومها لم أشترِ ورقة (يا نصيب) واحدة. صحيح (سيئ الحظ يلاقي العظم بالكرشة).
***
من منا لم يسمع أو يشاهد صورة (الموناليزا) التي رسمها (ليوناردو دافنشي) والتي لا تقدر بثمن؟!، وبغض النظر عن رأيي فيها، إلا أنني بحكم إلمامي بطرف قليل من تاريخ الفنون عمومًا، وبالذات ما يخص الفنون التشكيلية، دخلت في نقاش محموم بهذا المجال مع جماعة من المثقفين، وكان أغلبهم عن جهل يناصبون المدارس الحديثة العداء، وتشعب الحديث وطال إلى أن وصلنا إلى (الموناليزا).
وأعجبني أحدهم الذي كان طوال الوقت صامتًا، عندما قطع كلامنا قائلاً:
إن بسمة (الموناليزا) تذكرني بزوجتي عندما تظن أنني أكذب.
فما كان مني إلا أن أنهي الحوار قائلاً: (قطعت جهيزة قول كل خطيب).