سعد المهدي
TT

في ليلة الحسم لا بد أن نتذكر

أسباب كثيرة تجعل من مواجهة الأهلي والهلال هذه الليلة في جدة عصيبة على الفريقين وأنصارهما، لكن ذلك يحدث كثيرا وكل شيء سينتهي، وحين تضع المباراة أوزارها سيجد كل طرف ما يقوله أيا كانت النتيجة.
في فوز أحدهما سيكتب ويقول الجميع عن أسبابه، القليل من ذلك يمكن له أن يكون سببا حقيقيا، وفي الهزيمة لن تجد أي حقيقة في الأسباب التي سيتم ذكرها، عادة نحن نكتب عن النصر إنشائية فرح، وعن الهزيمة معلقة حزن، وإذا كانت هناك أسباب للنصر وأخرى للهزيمة كما يقول أحد المفكرين العرب وأنه من الواجب إبراز أسباب الهزيمة كي يتم تلافيها لأنها لا تتم مصادفة ودون أسباب.. فما الذي يدعو أصحاب الشأن إلى تجاهلها؟
الأهلي حقق بطولتين للدوري كان آخرها 1984. من المستحيل أن يقاس حجم الأهلي بهذه الحسبة، لو كان الأهلي خلال العقود الثلاثة التي لم يحصل خلالها على بطولة الدوري على هامش التنافس يعيش واقع الهزيمة لما ظل اسما يرن في أذن خصومه كالطنين، وفي وجدان مناصريه كالخفق، قد يكسر الأهلي عناد واحدة من البطولات التي جافته طويلا ولو لم يفعل سيتأثر لكنه لن يغيب فقد يستعيد الثقة مجددا بكأس الملك. هي كذلك الكرة ومنافساتها.
الهلال بدأ موسمه بالحصول على (السوبر) وأتبعه بكأس ولي العهد، تبقى من بطولات الموسم (الدوري وكأس الملك) من الممكن جدًا أن يحقق واحدة منها أيضا وعندها سيكون حصد ثلاثا وأبقى لبقية الفرق واحدة من أربع وهذا نجاح بامتياز إن تحقق، صحيح الهلال غائب عن بطولة الدوري أربعة مواسم حصدها الشباب والفتح والنصر مرتين، وصحيح أن أنصاره عينهم على لقب الدوري الذي سبق أن حققوه 13 مرة لكن ذلك لا يعني أن عدم تحقيقه هذا الموسم سيتجاوز غضب ساعات، الأندية الكبيرة صارت كبيرة لأنها لا تنظر للخلف إلا بقدر ما يمكنها من مسح الأثر.
فارق النقاط الثلاث لصالح الأهلي عامل ضغط سلبي أم دافع لجعله ست نقاط إذا ما علمنا أن ذلك يعني حسم اللقب، حيث لن تسعف الجولتان المتبقيتان من الدوري منافسه الهلال لفعل شيء أكثر من تأكيد ضمان حصوله على الوصافة؟ حتى يفعلها الأهلي سيكون عليه أن يقوم بأشياء كثيرة أهمها رباطة الجأش بحيث لا يبدأ المباراة مهزوزا لأن ذلك سيسلم زمام المبادرة للهلال وحينها أغلب الظن الأزرق سينتهزها ويكرر ما فعله في نهائي كأس ولي العهد.
الهلال سيلعب بدافع تحقيق الفوز لا غير، وهذا يجعله أكثر جسارة على الذهاب نحو تحقيق هدفه، لكن ذلك لا يعني أن تسير الأمور كما يريد لها، ففي مناسبات مماثلة يسقط صاحب هذا المشروع سقوطا ذريعًا، فالهلال من جانب لا تخدمه إلا نتيجة الفوز، لكن ذلك يعتمد على الأسلوب الذي سيتبعه لتحقيق غايته، والأهلي فعلها معه في القسم الأول وكسر فارق أول ثلاث نقاط وبات بطل الشتاء بأفضلية المواجهة، لكن الوضع في الجولة 24 وقبل جولتين من الختام محفوف بالمخاطر ومحير جدًا للمدربين، كيف يبدآن المباراة، سيكون لذلك ارتباط كبير فيما وقر في قلبيهما من نتيجة لها، هذا سيؤثر على اختيارهما للعناصر والطريقة والخطط.
فوز الأهلي يعني حصوله على اللقب، وفوز الهلال تأجيل الحسم إلى الجولتين الأخيرتين، يجب ألا ينسى الأهلاويون فضل خسارتهم الوحيدة في الدوري على يد نجران التي رفعت كل الأحمال الثقيلة عن كاهل اللاعبين، وأشرت إلى ضرورتها في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن لاح للجميع مشهد الموسم الماضي، كذلك أن يراجع الهلاليون كيف خسروا أربع نقاط من تعادلين مع الفتح والشباب كسرا بهما ظهر الفريق.
يقول الدكتور عبد الستار قاسم: «الهزيمة لا تحل بالناس هكذا من دون توطئة ومن دون أسباب، بل لا بد من معطيات كثيرة وكثيرة تؤدي في النهاية إلى الفشل والهزيمة»، ويقول «إنها لا تقع مصادفة ولا على حين غرة إنما هي من صنع أيدي المهزومين ومن صلب تعبهم (أو غياب تعبهم) ومن نتاج ما فعلوا (أو ما لم يفعلوا) هناك فلسفة للنصر وأخرى للهزيمة».