فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود
وزير التربية والتعليم سابقًا - رئيس «مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي»
TT

«التحول الوطني» في السعودية .. رؤية ورسالة

الحمد لله الذي منّ على هذه البلاد بمكانة جعلت منها قبلة للمسلمين، ونبع حضارات امتدت لآلاف السنين، وحاضرًا وحّده المؤسّس برسالة التوحيد، وملوكًا سخّروا أنفسهم خدمة للدين والوطن والمواطنين، وها نحن نعيش امتداده في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مكملاً مسيرة أجيال ليوصلنا إلى عصر جديد ومجيد بإذن المولى وتوفيقه.. عصر حزم وعزم، يؤسّس لأجيال المستقبل، وبأجيال المستقبل يبنى الأساس.
البدايات كانت في أقل من عام، بتحديد المسؤوليات وإعطاء الصلاحيات. وهي أساس البناء لتحمّل سرعة التغيير، ومواكبة التغيير السريع. وها نحن هذه الأيام نرى بوادر نتاج عمل يهدف إلى الاستدامة، ويقدم لقيمة مضافة ليحقق على أرض الواقع مكون رؤى تؤكده توجهات القيادة بمنهجية هي الأمل الذي ننشده في بناء مجتمع يهدف إلى المعرفة، كجزء من «التحول الوطني» الطموح لتحقيق الأهداف بحلول 1441هـ، مجتمع متصل بالأصل ومواكب للعصر، لاقتصاد مبني على المعرفة، عماده مقاصد شريعتنا الغراء، مجتمع مبتكر مبدع ومنتج. لقد حلمنا أبناء هذا الوطن، عملنا وشاركنا في ورش عمل وحلقات من العصف الذهني كان نتاجها بحمد الله وتوفيقه وبمشاركة أكثر من ثلاثمائة من أبناء وبنات الوطن «استراتيجية المعرفة» التي تبنتها «مجموعة الأغر» في عام 1428هـ، وتشرفت برفعها إلى ولي الأمر.
بعد سنين من تطلعاتنا وبعد ثلاث سنوات من التوجيه السامي الأخير إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط لوضع خطة تنفيذية لـ«استراتيجية المعرفة» وبعد اكتمال الدراسة التي قام بها المعهد الكوري «KDI»، وبالتكوين الجديد لمفهوم التنمية والبناء الاقتصادي، نجزم الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أن تجد هذه الاستراتيجية تفعيلاً لطرحها والاستثمار في مكوناتها.
إن استراتيجية المعرفة أساسها الاستثمار في رأس المال البشري المبني على:
1 - التعليم. 2 - التدريب. 3 - الاستثمار (رأس المال الجريء). 4 - استقطاب العقول. 5 - توطين التقنية والبحث والتطوير.
برؤية: أن نكون مجتمعًا معرفيًا منتجًا ومنافسًا عالميًا بحلول عام 1444هـ.
وبرسالة: بناء مجتمع معرفي متكامل عالميًا يحقق تنمية مستدامة من خلال بناء ثروة بشرية مبدعة وبيئة تقنية وبنية تحتية حديثة محفّزة لتحسين مستوى المعيشة والرقي بالمجتمع السعودي.
يرتكز مجتمعنا المعرفي على توجيه وتطوير الثروة الفكرية مستندا إلى قيمه الإسلامية، ومسخرًا الإبداع الفكري لتحقيق تنمية مستدامة، ويكون الفرد محورًا للتطوير من خلال روابطه الأسرية والاجتماعية.
فعالمنا يشهد تطورات تقنية ومعرفية سريعة ومتلاحقة بدأت في تغيير خريطة النظام العالمي الجديد، إذ أصبحت القدرة على التنافس بين الدول تعتمد على مدى فعالية توظيفها لرأس المال البشري كعنصر إنتاجي رئيسي وتحويله إلى عنصر مبدع يبتكر ويعزّز المزايا التنافسية له.
فالقاعدة الأساس والمحركات الأساسية تعتمد على العوامل المساعدة:
أ‌ - البنية التحتية، ب – رأس المال الفكري، ج – التفاعل، د – مبادئ وقيم، هـ - المحفزات، و– المؤسسات.
وما يرسخها هو القدرة الإبداعية لتنتج الميزة التنافسية للإنتاجية العمالية أو الصناعية أو الخدمية أو الكلية، والتي تحملنا إلى الرقي المادي والفكري لبناء الثروة تحت مظلة الإسلام بمقاصد شريعتنا السمحة:
«الدين»: الشريعة ومكارم الأخلاق لدولة المؤسسات وتطبيق النظام.
«العقل»: اقرأ، التعليم والتعلّم.
«المال»: إعمار الأرض والبنى التحتية.
«النفس»: الثروة الفكرية والثروة البشرية.
«النسل»: المستقبل والاستثمار في الأجيال القادمة.
«استراتيجية المعرفة» أنهت تصورها للمستقبل بمقترح تأسيس كيان لتنمية المجتمع السعودي وتوعيته معرفيًا، يقوم بتنسيق وتفعيل ومتابعة الخطط والجهود القائمة في هذا المجال.
ما أجمل أن يحلم الإنسان، ولكن أجمل من ذلك أن يفيق على حقيقة يراها تتبلور وتنعكس على عزيمة من آمنوا بربهم ثم بقيادتهم وبوطنهم ومواطنيهم، لتحقيق أمل أمة كرّمها المولى ووهبها عظيم المقومات لتتبوأ المكانة التي هي أحقّ بها لتقودها إلى الفلاح.

* وزير التربية والتعليم سابقًا - رئيس «مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي»