ديانا مقلد
كاتبة واعلاميّة لبنانيّة
TT

«تويتر» يرد الطعنات

هل يمكن لهاشتاغ أو وسم على «تويتر» أن يحتوي مفاعيل، طعنات، سكاكين؟!
يبدو أن الإجابة هي نعم.
بدا استثنائيًا أن يتمكن هاشتاغ «أنت لست مسلمًا يا أخي» من احتواء احتقان كبير بين المسلمين البريطانيين ومواطنيهم بعد حادثة الطعن التي حصلت في مترو في لندن الأسبوع الماضي. فالفيديو الذي انتشر للحادثة وفيه شخص يصرخ بجملة «أنت لست مسلمًا يا أخي» ردًا على مزاعم أن الطعنات هي نصرة لأهل سوريا، بدا رمزيًا وفاعلاً للغاية، وهذا ما تجلى في الانتشار الكبير للتغريدات التي تبنت هذه الجملة وتفاعلت معها. حصل ذلك في ذروة المطالبة بسياسات رادعة من انتشار أفكار المتطرفين عبر «تويتر» تحديدًا. فقبل أيام من هجوم لندن كان لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير تصريح يشير فيه إلى دور «تويتر» في نشر عقيدة التطرف في المجتمعات الإسلامية ويحذر منه.
طبعًا لم يكشف لنا بلير جديدًا، فنحن هنا في المنطقة العربية على تماس مع عوالم المتشددين والداعمين لهم عبر نشر أفكار ودعاية عنفية. التجول عبر صفحات أشخاص يوالون «داعش» أو عبر هاشتاغات متعاطفة تظهر كم يسعى هؤلاء لخلق عالم يشبه السينما أو المسرح. صور سوداء وملابس من عصور غابرة ولحى وشعور ومشاهد قتل.
إنهم لا يحتاجون لأكثر من صورة نتداولها ليتضخم حدث القتل بأبشع الصور.
من هنا أتى وسم «أنت لست مسلمًا يا أخي» ليكون ثقلاً موازيًا لما يمكن لمواقع تواصل مثل «تويتر» أن تتيحه. فهذه الوسيلة أثيرة اليوم لدى تنظيم داعش ولدى الراغبين في عالم أكثر عنفًا وتشددًا. لذلك، فإن نشاط مغردين على نحو مغاير لما يريد «داعش» نشره، أمر في غاية الحيوية. كل الدراسات والأرقام والتحذيرات ترى في «تويتر» منصة مفضلة لـ«داعش» والمتعاطفين معه؛ إذ يلعب هذا الموقع دور العدسات المكبرة والمضخمة لأصوات المتطرفين كما يشكل ساحة يتلاقون فيها من بقاع مختلفة، لكن «تويتر» أيضًا منصة مهمة لأشخاص عاديين يعربون فيه عن رفضهم واشمئزازهم من القتل باسمهم.
هذا ما حصل بوسم «أنت لست مسلمًا يا أخي» الذي حمل قيمًا إنسانية تناقض تمامًا تلك التي يفترض بهجمات، مثل تلك التي شهدنا ونشهدها، أن تثيرها، وهي شكلت رادعًا أمام الراغبين في التعميم بأن المسلمين هم دواعش.
صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يظهر كثيرون رفضهم للتطرف والعنف باسمهم، لكن نجاحها في حالة مثل التي أشرنا إليها يعطي نفحة أمل بالقدرة على تجاوز ما يمكن أن تثيره هجمات من هذا النوع من حملات كراهية.
إنه مجتمع إلكتروني يبحث عن وسائل مختلفة ليطور نفسه وليجابه آليات هجوم وعنف غير تقليدية. فالإرهاب بصوره الراهنة يهجس بالتقنيات الحديثة كسبيل للانتشار والتجنيد.
لقد ثبتت الأصولية الحداثية أقدامها لشدة اعتمادها على التقنية المعلوماتية. نعم هناك مجتمع كوني افتراضي يشاهد الإرهاب ويتعاطف معه، ربما. لكن هناك أيضًا كثيرون يتصدون لهذه الوثبة المتطرفة بأكثر الوسائل حداثة وسلمية أيضًا.
الحملات الرافضة للتصريحات التي يطلقها المرشح الجمهوري الأميركي دونالد ترامب دليل آخر على التصدي لهذه الكراهية.
[email protected]