من المقرر أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن رغبته في قضاء أربع سنوات أخرى في منصبه في البيت الأبيض اليوم الثلاثاء (أمس)، وذلك بعد مرور أربع سنوات من إعلان ترشحه لانتخابات عام 2020 على أمل منع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من تغيير شخصية الولايات المتحدة «بشكل جذري وإلى الأبد».
ويتوقع الأشخاص المقربون من بايدن أن يعلن عن رغبته في إعادة انتخابه من خلال مقطع فيديو، وذلك بنفس الطريقة التي بدأ بها حملته الرئاسية الأخيرة، عندما استخدم نفس التنسيق لحث الأميركيين على تبني رؤية مختلفة للولايات المتحدة.
ورداً على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض، يوم الاثنين، قال بايدن: «قلت لكم إنني أخطط للترشح للانتخابات، وسأخبركم قريباً بالأمر».
ولكن مهمة بايدن ستكون أكثر تعقيداً في المرة الثانية؛ إذ سيكون مضطراً للدفاع عن سجله مع التحذير من مخاطر عودة ترمب، وبينما لا يزال الرئيس السابق هو المرشح الأول للحزب الجمهوري، فإن حاكم فلوريدا رون ديسانتيس يستعد أيضاً للترشح المحتمل.
وقد تمت دعوة بعض كبار مانحي بايدن للاجتماع في واشنطن من أجل حضور قمة مالية، ستبدأ سباقاً مع الزمن لملء صندوق حملة الرئيس الأميركي. وستكون القمة، المتوقع عقدها يوم الجمعة؛ أي في غضون أيام من إعلان الرئيس المتوقع عن ترشحه، بمثابة خطوة مبكرة ضرورية في إجراءات الحملة.
وسيعقب ذلك تعيين بايدن بسرعة لموظفين يمكنهم العمل خارج البيت الأبيض، بما في ذلك مدير للحملة، ومساعدون للاتصالات، ومديرون للحملات على مستوى الولايات، ومنظمون لاستطلاعات الرأي، ومديرون ماليون، ومتطوعون، وغير ذلك.
ومن بين أولئك الذين يُنظر إليهم لإدارة حملة إعادة انتخاب بايدن، هي جولي شافيز رودريغيز، مستشارة البيت الأبيض البارزة وحفيدة سيزار شافيز والزعيمة العمالية الأميركية، ولكن شخصاً مطلعاً على خطط الرئيس الأميركي قال إنه حتى بعد ظهر يوم الأحد، لم يكن بايدن قد اتخذ قراراً نهائياً بشأن مَن سيدير الحملة الرئاسية.
ولكن بغض النظر عن اختيار بايدن لهذا المنصب، فإن أسماء مستشاريه الخاصين تبدو واضحة، وهم مجموعة من الأشخاص الذين احتفظ بهم على مقربة منه طوال حملته الأولى للترشح للرئاسة، وكذلك الفترة التي قضاها في منصبه، ومن بينهم مايك دونيلون كبير مستشاريه السياسيين، وأنيتا دن خبيرة الاتصالات الخاصة به، وستيف ريتشيتي مستشاره التشريعي، ورون كلاين كبير موظفيه السابق، وجين أومالي ديلون الذي أدار حملته الأولى وهو الآن نائب كبير الموظفين في البيت الأبيض، وكيت بيدنغفيلد مديرة اتصالاته السابقة.
ويراهن هذا الفريق على أن إنجازات بايدن ستكسبه الأصوات للبقاء في المكتب البيضاوي؛ إذ يجادل الرئيس الأميركي بأنه استعاد الرخاء على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي والمخاوف بشأن معدلات التضخم، وسيركز على تمرير تشريع يسمح بضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية والمناخ والرعاية الصحية، وسينسب الفضل إلى نفسه في استعادة التحالفات في الخارج في وقت يشهد توترات عالمية.
كما سيسعى الرئيس الأميركي أيضاً إلى زيادة حجم خلافاته مع ما يصفه بالحزب الجمهوري النخبوي غير المتسامح، الذي سيهدد التقدم الذي أحرزته إدارته، وفي الوقت الذي يبدأ فيه في تكثيف حملته، فإنه يأمل في إثبات أن خيار الناخبين الآن قد بات بين رئيس كُفء والعودة إلى الفوضى التي كان يتبناها ترمب.
وقالت جين ساكي، وهي المتحدثة الصحافية السابقة باسم بايدن، في برنامجها الذي يُذاع على شبكة «MSNBC»، يوم الأحد: «عندما تكون رئيساً يرشح نفسه لإعادة انتخابه، فإنك تصبح الهدف الواضح لأي شخص يشعر بخيبة أمل، ليس بسبب حجم التقدم الذي أحرزته خلال فترة وجودك في منصبك فحسب، ولكن حتى من سرعة هذا التقدم».
وأضافت ساكي أن الترشح لمنصب الرئيس في المرة الأولى يكون أمراً طموحاً؛ إذ يمكن للشخص تقديم كل أنواع الوعود الكبيرة والجريئة، متوقعة حملة إعادة انتخاب صعبة للغاية لبايدن، قائلة: «الترشح لإعادة الانتخاب يمثل حصول المرشح على تقرير تقييم أداء من الشعب الأميركي».
وسيشمل هذا التقرير بعض الدرجات المنخفضة من الناخبين، والتي سيتعين على الرئيس وفريقه مواجهتها أثناء قيامهم ببناء حملته الانتخابية، التي من المحتمل أن تنطلق من ويلمنغتون بولاية ديلاوير، بالقرب من المكان الذي كان يقضي فيه بايدن عطلة نهاية الأسبوع على مدار العامين الماضيين.
ويعد بايدن، البالغ من العمر 80 عاماً، أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الديمقراطيين يشعرون بالقلق بشأن إعادة انتخاب رئيس سيكون عمره 86 عاماً بنهاية ولايته الثانية.
كما أنه سيتعين على بايدن أيضاً الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بتعامل إدارته الفوضوي مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب هناك، فضلاً عن الارتفاع السريع في معدلات التضخم الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف كل شيء من فواتير محلات البقالة إلى الغاز، الأمر الذي أدى إلى تأكّل ثروات معظم الأميركيين من ذوي الدخل المتوسط.
ولكن يبدو أن الأشخاص المكلفين تحقيق فوز آخر لبايدن داخل البيت الأبيض وفي حملته الناشئة، مصممون على محاولة إبقاء التركيز على البديل؛ إذ بدأ الرئيس الأميركي في تكثيف خطابه المناهض لترمب، متهماً الحزب الجمهوري بتبني «أجندة MAGA (وهو اختصار لجملة: اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) الراديكالية»، مستخدماً هذا الشعار بشكل متكرر، والذي ظل ترمب يستخدمه طوال حملته الانتخابية عام 2016 وأثناء رئاسة بايدن.
وفي خطاب ألقاه الأسبوع الماضي في أكوكيك بولاية ماريلاند، استخدم بايدن شعار: «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» 21 مرة وهو يهاجم اقتراحاً جمهورياً في الكونغرس لخفض الإنفاق على البرامج المحلية بنسبة 22 في المائة؛ إذ قال الرئيس: «تخفيض (MAGA) بنسبة 22 في المائة يقوض سلامة السكك الحديدية، وسلامة الغذاء، وأمن الحدود، والهواء النظيف، والمياه النظيفة، وهذا ليس مبالغة، ولكنه حقيقة».
وقال أشخاص مقربون من بايدن، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إن قراره الإعلان رسمياً عن ترشحه لن يؤدي إلى حدوث تحول فوري كبير في أفعاله أو جدوله الزمني.
كما قال أشخاص مطلعون على خطط بايدن، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم؛ لأنه لم يعلن عن هذه الخطط بعد، إنه من غير المرجح أن يبدأ الرئيس الأميركي في حضور المسيرات الخاصة بالحملة الانتخابية لعدة أشهر، ولكنه بدلاً من ذلك سيستمر في القيام بنفس أنواع الرحلات التي تركز على السياسة، والتي ظل يقوم بها على مدى عدة أشهر.
وتهدف هذه الرحلات، التي تتضمن الحديث حول انخفاض معدلات البطالة وقضايا البيئة وتحسين البنية التحتية ورعاية الأطفال، إلى التأكيد على إنجازات إدارته منذ توليه منصبه في وسط أزمة اقتصادية ناجمة عن وباء فيروس «كورونا المستجد»، ويقول مساعدون إن الرئيس الأميركي يعتزم مواصلة إيصال تلك الرسائل قدر الإمكان.
كما سيواصل بايدن أيضاً التركيز على التحديات المتعلقة بكونه رئيساً؛ إذ إنه من المقرر أن يسافر الشهر المقبل إلى هيروشيما باليابان لحضور قمة ستستمر لمدة ثلاثة أيام مع قادة العالم، والتي ستركز على الحرب في أوكرانيا والمنافسة الناشئة من الصين، وغيرها من القضايا الساخنة في جميع أنحاء العالم، ثم سيسافر بعد ذلك إلى أستراليا للاحتفال باتفاقية جديدة بشأن الغواصات النووية.
وعندما يعود بايدن إلى واشنطن، فإنه سيخوض مواجهة مع رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي حول حاجة الكونغرس إلى رفع سقف الديون وتجنب الوقوع في كارثة اقتصادية.
* خدمة «نيويورك تايمز»