علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الأمية المالية

تُعرّف الأمية المالية، وفق مصادر مختلفة، بأنها «عدم اكتساب المهارات والقدرات التي تمكّن الشخص من إدارة المال بأكثر كفاءة ممكنة».
وأبسط تعريف هو «عدم القدرة على إدارة المال» والتعريف السهل الممتنع في نظري للأمية المالية هو «أن تكون الحاجة هي من يفرض الحلول المالية»، بمعنى أن يكون الإنسان غير مستعد بالحلول المالية ولو جزئياً لمواجهة احتياجاته، ولنضرب مثلاً بسيطاً، لو أن شخصاً احتاج إلى سيارة ولم يكن مستعداً بالحلول ولو جزئياً فهو سيلجأ للاقتراض فإن لم يجد فسيلجأ للاستدانة من البنك، وهذا كما تعرفون مكلف ومرهق، ولو كان الإنسان مستعداً بالحل المالي قبل الحاجة لما كانت هناك مشكلة، ولو كان مستعداً جزئياً لخفّت المشكلة طبعاً على أقل تقدير بسطت الموضوع، والمثل يمكن أن يقاس عليه بحاجات أهم.
ولمحو الأمية المالية، يجب على الفرد وضع ميزانية وإدارتها، واستيعاب الأدوات المالية المختلفة (مثل الأسهم، والصكوك، والدين، والمشتقات) والتحضير للتقاعد (التحضير لمستقبل أفضل).
وهنا يبرز السؤال: إلى ماذا تؤدي الأمية المالية؟ تؤدي الأمية المالية إلى قرارات مالية سيئة وبالتالي إلى أداء مالي سيئ، والجهل المالي قد يكون وراثياً أو قابلاً للعدوى، فلذلك، الجاهل مالياً قد يؤثر على مَن حوله سلباً من خلال تصرفاته وقد يؤثر على جيل أو أكثر من أبنائه.
وفي دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأميركية أجراها TIAA Institute وشارك فيها كل من جامعة واشنطن وGlobal Finacial Literacy Excellence Center أظهرت الدراسة الحقائق التالية: واحد من خمسين فقط من الشعب الأميركي استطاع الإجابة عن استبانة تتعلق بالمعرفة المالية، منذ 2017 ميلادياً ومستويات الجهل المالي في أميركا بين 47 في المائة و52 في المائة، وهذا دليل على عدم وجود توعية مالية، أظهرت الدراسة أن الآسيويين الأميركيين، والأميركيين البيض هم الأكثر كفاءة في المعرفة المالية، وأظهرت الدراسة أن الأسوأ هم السود والمكسيكيون.
وقد حرصت على اختصار هذه الدراسة الأميركية وعرضها عليكم، ورجوت من الأقسام المالية في الجامعات العربية أن تسعى لتطبيق مثل هذه الدراسات الميدانية بدلاً من أن يكلف الأساتذة طلبتهم ببحوث نظرية يقوم الطلاب بجمعها من المراجع، مما لا يضيف جديداً لمعرفتنا.
فمثلاً توضع أسئلة افتراضية للبحث مثل أي الطبقات المالية العربية أكثر كفاءة في إدارة المال الطبقة المتوسطة أم محدودة الدخل؟
أي الفئات العمرية أكثر كفاءة في إدارة المال؟ أي مدينة أو إقليم أكثر كفاءة في إدارة المال؟
أي فئة أفضل في إدارة المال المهندسون أم الأطباء؟ مع استعراض أكثر من مهنة طبعاً.
ومثل هذه البحوث قد تعزز الجوانب الصحيحة لفئة وتجعل الفئة الأقل حظاً تبحث عن تطوير ذاتها.
وأرجو أن نستبعد الحساسيات مثل أن مثل تلك الدراسات قد تثير الحساسيات بين المدن وغيرها وأن نستبعد بعضاً من عقدنا العربية، لأن مثل هذه البحوث تهدف لحل مشكلاتنا بعد التعرف عليها. ودمتم.