وائل مهدي
صحافي سعودي متخصص في النفط وأسواق الطاقة، عمل في صحف سعودية وخليجية. انتقل للعمل مراسلاً لوكالة "بلومبرغ"، حيث عمل على تغطية اجتماعات "أوبك" وأسواق الطاقة. وهو مؤلف مشارك لكتاب "أوبك في عالم النفط الصخري: إلى أين؟".
TT

السقف السعري على نفط روسيا «نكتة»

استوقفني ما ذكره أحد المحللين البارزين بالأمس عندما تحدث عن السقف السعري الذي تنوي مجموعة السبع مع الاتحاد الأوروبي فرضه على النفط الروسي لتقليص مداخيل روسيا كنوع من التكتيك للتأثير على مجريات حربها مع أوكرانيا. ووصف هذا المحلل السقف السعري بأنه «نكتة» لأنه من الصعب تطبيقه لعدة أسباب أقلها أن لا أحد يستطيع تعويض الكميات التي تصدرها روسيا للعالم وهي في حدود 4 ملايين برميل يومياً، وفي الوقت ذاته لن تتوقف شحنات روسيا إلى الأسواق العالمية، فهناك دول مثل الصين والهند ستشتريه بأسعار أقل.
روسيا هددت على لسان نائب رئيس الوزراء ألكساندر نوفاك بأنها سوف تمتنع عن بيع النفط لأي دولة تطبق هذا السقف السعري الذي لا يزال غير واضح فلا أحد يعلم السعر المستهدف ولا كيف ستتعامل معه الأسواق.
الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع يعولان كثيراً على حظر التأمين على الناقلات التي تنقل النفط الروسي الذي سيباع بأعلى من السعر المستهدف.
كل هذه الخلفية مهمة لنفهم حجم الموضوع من الناحية السياسية؛ إذ إنها هي المؤثرة في القرار وليست الناحية العملية، وإن كنت أعتقد أن مجموعة السبع لها أهداف أبعد من الهدف السياسي. اقتصادياً، إن بيع النفط الروسي بسعر أقل سيخفض الأسعار في السوق وهو ما تريده الدول المستهلكة في النهاية.
لكن حقيقة الموضوع أن روسيا لها عمق كبير في السوق وليست دولة مثل إيران يمكن فرض عقوبات على صادراتها النفطية في أي وقت.
روسيا جزء من البنية التحتية للطاقة في أوروبا وحجم صادراتها من النفط والمشتقات النفطية أكبر بكثير من إيران وغيرها من دول أوبك ما عدا السعودية. كما أنها جزء من تحالف أوبك الذي بسببه السوق العالمية الآن في حالة توازن منذ سنوات. ولأن روسيا ذات عمق في السوق يجب أن يفهم العالم الغربي أن أوبك لا يجب أن تعامل على أنها دولة مثل باقي دول أوبك. وفي الوقت ذاته يجب أن تفهم دول أوبك أن التأثير في العالم ليس بحجم الإنتاج وحسب بل بحجم العمق في السوق.
السقف السعري الذي قد يفرض الأربعاء ويتم تطبيقه اليوم أو قريباً جداً سيكون تجربة لكيفية التعامل مع دولة عميقة في السوق وهو أمر لم يعتد العالم عليه بعد. ولهذا فلننتظر ونرى.