محمد فهد الحارثي
إعلامي سعودي
TT

الإعلام العربي في عالم يتشكل... نحو الرياض

المتأمل في الواقع العربي المعاصر اليوم، لا يمكن أن تخطئ عيناه هذا التطور والتحول والتبدل المتسارع للأحداث الذي ألقى بظلاله على الصعد كافة، مع ما رافق ذلك من عدم وضوح في الرؤية أحياناً، وتشكلات وتغيرات عدة أصبحت سمة بارزة من سمات هذا العصر، وليس المشهد الإعلامي عن هذا ببعيد؛ إذ يُعدّ من أبرز المجالات التي تأثرت بكل هذا الزخم والتشكل والتغيّر، على الحالين سلباً وإيجاباً.
وفي ظل هذا المشهد المتداخل، الذي يتسم بكثرة تشكلاته وتغيراته، كان لا بد من وقفة يقفها صانعو الإعلام العربي؛ لتحديد أي المواضع التي يمكن أن يوضع في إطارها هذا الإعلام العربي العريق، الذي يطمح لأن يكون دائماً في موضع الصدارة إقليمياً ودولياً. من هنا كان الإعلام المعاصر في ظل عالم يتشكل، هو الموضوع الأبرز الذي تم اختياره لأن يكون عنواناً جامعاً لفعاليات الدورة الثانية والعشرين من مهرجان الإذاعة والتلفزيون العربي، الذي سيقام في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في العاصمة الرياض، للمرة الأولى التي يغادر فيها بلد المقر تونس ليحط رحاله في مكان آخر، فكان المكان الأمثل الرياض... هذه العاصمة المتوهجة على الدوام في ظل رؤية خلّاقة تطمح للارتقاء ليس بالسعودية فحسب، بل بالقطر العربي الكبير ككل عبر تكاتف الجهود العربية المشتركة والمخلصة؛ إذ باتت الرياض إحدى عواصم الريادة والقيادة في العالم على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والتكنولوجية والبيئية والإعلامية الاتصالية، وهو محور التركيز في هذه المقالة.
اليوم يتطلع المراقبون، إلى الدورة الثانية والعشرين من هذا المهرجان، باعتبارها حدثاً إعلامياً عملاقاً، سيسلط الضوء على الإعلام العربي وكيفية تطويره، عبر تعزيز سبل التواصل وتبادل الخبرات؛ للارتقاء بمستوى الإنتاج الإقليمي بما يواكب تطورات المشهد العالمي، من خلال التركيز على أهم المواضيع الإعلامية التي تعزز من سبل التواصل بين الهيئات والمنظمات الإعلامية، سواء على مستوى الدول الأعضاء في الاتحاد، أو بينها وبين الدول والمنظمات والهيئات من خارجه.
وسيسعى هذا المهرجان، من خلال حضور ومشاركة أكثر من 1000 إعلامي وإعلامية، ينتمون إلى عدد من أهم المنظمات الإعلامية الدولية والإقليمية، إلى تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية المهمة التي ستصبّ في تطوير وتعزيز العمل العربي الإعلامي المشترك، أهمها المساهمة في تطوير ورصد الاتجاهات المبتكرة والجادة في الإنتاج التلفزيوني والإذاعي العربي، وتيسير سبل التواصل والتعاون وتبادل الخبرات والبرامج بين الجهات المشاركة، إضافة إلى حث المنتجين على الاستجابة لجماهير المستمعين والمشاهدين والتأكيد على ضرورة رفع مستوى الوعي الثقافي والعلمي والجمالي في الأعمال التي ينتجونها، كما سيركز المهرجان على تشجيع الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني العربي الذي يسعى للتعريف بالحضارة العربية والإسلامية وبالواقع العربي والإسلامي المعاصر.
وعلى مدى أربعة أيام، سيكون المهتمون والمتخصصون في الإعلام العربي، على موعد مع باقة منوعة من الفعاليات، التي حرصنا على أن تكون ملبيّة لتطلعات المنتسبين لهذا المجال، كما راعينا أن تكون شاملة لأهم المواضيع والقضايا الإعلامية العربية المعاصرة، عبر إقامة عدد من اللقاءات وورش العمل والمحاضرات، التي ستسلط الضوء على كل ما هو جديد في المشهد الإعلامي، من خلال تبادل الخبرات، والاطلاع على التجارب الدولية الناجحة، وما حققته التقنية الحديثة في المشهد الإعلامي، خصوصاً مع مواقع التواصل الاجتماعي التي تتسيد وسائل الإعلام الحديث، إضافة إلى إقامة معرض مصاحب تحت اسم «معرض مستقبل الإعلام» الذي يُعدّ أحد أكبر المعارض في هذا المجال، حيث ستُعرض فيه أحدث التجارب المرتبطة بالإنتاج والمحتوى الإعلامي، بمشاركة واسعة من شركات ومؤسسات الإنتاج والتسويق والإعلان والإعلام ومؤسسات تكنولوجيا المعلومات والاتصال؛ إذ يهدف المعرض إلى تنشيط الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وتهيئة الفرصة لتبادل الرأي والمشورة حول آخر المستجدات والابتكارات في مجال تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
وفي الختام، ونحن على أعتاب إقامة هذا الحدث الإعلامي الكبير، يحدونا الأمل، ويدفعنا الشغف، لأن تُكلل أعمال هذه الدورة بالنجاح، وأن نوفق لتقديم عمل إعلامي رصين يليق بكل الجهود التي بُذلت من أجل إنجاحه، ويعكس صورة واضحة لما ينبغي أن يكون عليه الإعلام العربي المعاصر، مع التأكيد على أننا عازمون على المضي نحو تحقيق المستهدفات الاستراتيجية بما يضمن صناعة منظومة عمل إعلامية تتميز باستلهام الماضي والإخلاص للحاضر والتفاؤل بالمستقبل، في ظل عالم يتسم بالتحول والتشكل من جديد.
* الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية - رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية (إسبو)