نبيل عمرو
كاتب وسياسي فلسطيني
TT

سوريا وإسرائيل.. مقدمات التدخل المباشر

سياسة النأي بالنفس التي يقودها رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير دفاعه موشي يعالون، بدأت بالاهتزاز بحيث لم تعد سياسة نهائية، ولقد اتسع الجدل حول هذا الأمر بفعل تسارع الأحداث في سوريا والاحتمالات القوية لانهيار الأسد، والتي تفضي إلى احتمال قوي آخر وهو سيطرة قوى لا تعترف بقواعد اللعبة بين الدول، أي الميليشيات التي نجحت في الوصول إلى خط الحدود ولا توجد موانع جدية تحول دون تطور قوتها وتأثيرها بما يهدد الأمن الاستراتيجي للدولة العبرية.
وفي هذا السياق يجري نقاش تفصيلي على مستوى النخب ومراكز البحث والدراسات عن سيناريوهات تقترح لكيفية وحدود التدخل، ولا أحد منها يستبعد العمل المباشر في وقت ما خصوصًا على نطاق جنوب سوريا.
وأهم ما لفت النظر سيناريو أعلن في الصحافة الإسرائيلية، يقترح تشكيل قوة تحالفية من أطراف إقليمية ومحلية، تشارك فيها الولايات المتحدة وإسرائيل بالطبع، ويقترح هذا السيناريو ألا يقتصر عمل هذه القوة التي لا بد أن تحتل مواقع أرضية داخل سوريا على الجانب العسكري، بل لا بد من تمويل ما وصف بالاحتياجات الحيوية للسكان وخلق «اقتصاد حدود» يتضمن مسارات تموين بضائع من إسرائيل، مع فرض حظر جوي محدود يضمن السيطرة الكاملة لقوى التحالف المقترح في المجال الذي تعمل فيه. إن مثل هذا السيناريو الذي لا يحتاج كي يتبلور لا إلى مؤتمرات ولا إلى جلسات خاصة في مجلس الأمن، يمكن أن يطبق بفعل الأمر الواقع المسيطر على الوضع في سوريا، وتحت عناوين مقبولة إقليميًا ودوليًا من ضمنها مثلاً إنقاذ الأقليات من مذابح محتملة، وقد جرى الجدل داخل إسرائيل بتوسع ملحوظ حول ما وصف بحلف الدم مع الدروز، وكذلك مكافحة الميليشيات التي تصنف كقوى خارجة عن أي قواعد تحكم العلاقات بين الدول والقوى المتحاربة.
إن إسرائيل لم تتوقف عن المراقبة التفصيلية لكل صغيرة وكبيرة تجري في سوريا وامتدادها اللبناني، كما لم تتوقف عن التدخل المباشر وفق قواعد محددة مسجلة على لوحة العمليات العسكرية الإسرائيلية، إلا أن ما لا يعرف بعد هو متى ستطور إسرائيل مساحة تدخلها المباشر في الحرب السورية، إلا أن الكيفية صارت واضحة ليس فقط من خلال ما يدور في إسرائيل من نقاش، وإنما باستنتاج التداعيات التلقائية لتطور الأحداث، ومصير نظام الأسد الذي كان طيلة عقود الصراع مع إسرائيل الأكثر دقة وانضباطًا في احترام الحدود والأكثر قدرة على تنفيذ الاتفاقات والتفاهمات والأكثر صبرًا ومسامحة حين كانت إسرائيل تتمادى في الاستفزاز والضرب بلا هوادة في أي مكان تختاره على الأراضي السورية.
إن إسرائيل أو جزءًا مهمًا منها على الأقل تقدر أن نظام الأسد في حالة احتضار دون أمل كبير في إنقاذه، وهذا الحديث الإسرائيلي يعني مقدمات منطقية لتدخل مباشر وربما غير محدود، ساعة صفره سقوط النظام.