بيتر كوي
TT

في مواجهة التضخم... دعونا نعطي دفعة للجميع

هل بلغت حرارة التضخم الحلقوم؟ ما رأيك في رشفة منعشة من الـ«كولا». لكن الـ«كولا» هذه المرة لا تعني ذلك المشروب المنعش، بل هي اختصار للحروف الأولى لعبارة «تعديلات الضمان الاجتماعي» بالإنجليزية. والتعديلات هذه المرة ليست فقط لمتلقي الضمان الاجتماعي من الأميركيين الذين سيتمتعون بتعديلات تكلفة المعيشة لعام 2023 والذين جرى الكشف عنهم الخميس الماضي.
توقعنا في السابق أن بعض الأشخاص سيحظون بحماية من التضخم من خلال «تعديلات تكلفة المعيشة»، على عكس الحال بالنسبة لآخرين لن يحظوا بتلك الحماية. لكن هناك حجة أخرى تحتم أن تكون تلك التعديلات عالمية وتغطي جميع الأجور، وجميع المعاشات التقاعدية وجميع أنواع السندات.
الخميس الماضي، أفاد «مكتب إحصاءات العمل» عن معدل تضخم مرتفع بشكل مثير للقلق في شهر سبتمبر (أيلول). كان الرقم الرئيسي زيادة في مستوى السعر الإجمالي بنسبة 8.2 في المائة عن العام السابق. كانت نقطة البيانات الأكثر إشكالية هي الزيادة بنسبة 0.6 في المائة بالأسعار الأساسية (باستثناء الغذاء والطاقة) في سبتمبر عن الشهر السابق. كان ذلك هو الارتفاع الثاني على التوالي بنسبة 0.6 في المائة، ما بدد الآمال في أن التضخم بدأ يفقد زخمه.
ستتم حماية 70 مليون أميركي تقريباً ممن يتلقون «الضمان الاجتماعي» أو «دخل الضمان الإضافي» إلى حد كبير من ارتفاع التضخم في العام الماضي، من قبل قانون «تعديلات الضمان الاجتماعي» التي أعلنت الخميس، والتي تضمنت زيادة بنسبة 8.7 في المائة في المزايا الشهرية بالعام المقبل. قانون «تعديلات الضمان الاجتماعي» ليس مثالياً لسبب واحد؛ هو أنه يأتي مرة واحدة فقط في السنة، وفي غضون ذلك، يؤدي التضخم إلى تآكل القيمة الحقيقية لتلك الشيكات الحكومية. على الرغم من ذلك، فإن «تعديل تكلفة المعيشة» يعد بشكل عام ميزة حكومية قيّمة للغاية.
وفقاً لجين بيير أوبري، المديرة المشاركة للأبحاث الحكومية والمحلية في مركز أبحاث التقاعد التابع لكلية بوسطن، يحصل تسعون في المائة من موظفي الولاية والموظفين المحليين على الأقل على حماية جزئية من التضخم في خطط المعاشات التقاعدية. لكن أوبري قالت إنه لا يوجد موظفون في القطاع الخاص تقريباً يحصلون على تعويضات إضافية في معاش التقاعد المحدد الخاص بهم، هذا إذا كانوا يحصلون على معاش من الأساس. لذلك تتقلص قيم معاشاتهم التقاعدية مع كل عام يمر.
وبالمثل، فإن أجور ورواتب غالبية الناس غير مرتبطة رسمياً بالتضخم. فقد تراجعت النقابات، وقل عدد العمال المنتسبين إلى نقابات مشمولين بتعديلات تكلفة المعيشة. «في عام 1976، كان 61 في المائة من العمال النقابيين المشمولين بعقود المفاوضة الجماعية الرئيسية لديهم أحكام (تعديلات الضمان الاجتماعي)، لكن بحلول نهاية عام 1995، عندما توقف (المكتب الأميركي لإحصاءات العمل) عن جمع البيانات حول تسويات المفاوضة الجماعية، انخفضت تغطية (تعديلات الضمان الاجتماعي) إلى 22 في المائة»، وفقاً لورقة بحثية نُشرت في عام 2000 من قبل جامعة كنساس. وتلك الحصة تراجعت اليوم من دون شك.
هناك أيضاً السندات التي تآكلت قيمها بسبب التضخم المرتفع، حيث يعتمد كثير من الأميركيين الأكبر سناً على دخل السندات للتقاعد بشكل كبير، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، لأن السندات مصورة في محافظ صناديق التقاعد والمعاشات التي توفر لهم الدخل.
لماذا لا تتم فهرسة السندات للتضخم؟ هذا سؤال مخادع، لأن البعض جرت فهرسته بالفعل. في الولايات المتحدة، تقوم وزارة الخزانة بإصدار سندات الخزانة المحمية من التضخم منذ عام 1997 وسندات الادخار من السلسلة الأولى منذ عام 1998، لكنها لم تحظَ بشعبية كبيرة. في العام الماضي، مثلت «سندات الخزينة المحمية من التضخم» أقل من 8 في المائة من الأوراق المالية القابلة للتداول في الخزانة.
أجريت مقابلة مع لورنس بول، الخبير الاقتصادي بجامعة جونز هوبكنز، في نفس يوم إعلان التضخم الذي شهدناه في سبتمبر، و«تعديلات الضمان الاجتماعي»، ذلك لأنه كتب عن «تعديلات الضمان الاجتماعي» في حقبة الثمانينات. وكان ردي عندما هاتفته: «أشعر نوعاً ما كأنني أعود إلى أيام شبابي عبر آلة الزمن عندما كان الناس أكثر اهتماماً بهذه القضايا».
قال بول: «اعتقد خبراء الاقتصاد لفترة طويلة أن المؤشرات أمر جيد». فهذه الكلمة، كلمة «الفهرسة» أو التصنيف، هي ما تفعله «تعديلات الضمان الاجتماعي» للضمان الاجتماعي - فهي تعدل المدفوعات للتغير في «مؤشر سعر المستهلك». فهي تحمي القيمة الحقيقية للدفع، بمعنى «حقيقي» بعد تعديل التضخم.
أضاف بول قائلاً: «ما يهتم به الناس حقاً هو أجورهم الحقيقية ومعاشاتهم التقاعدية وأسعار الفائدة. الفهرسة هي مجرد طريقة سهلة لحل هذه المشكلة، وهذا ما فعلوه مع الضمان الاجتماعي».
استطرد بول قائلاً إنه عندما كان التضخم منخفضاً، كان الناس أقل اهتماماً بـ«تعديلات تكلفة المعيشة»، لذلك عجز بعضهم عن مواصلة المسير. وأضاف أن ذلك قد يتغير الآن بعد أن قفز التضخم إلى أعلى معدل له منذ أربعة عقود.
ووفقاً لمركز أبحاث التقاعد، هناك أربعة أنواع من «تعديلات الضمان الاجتماعي»: هناك مدفوعات ذات معدل تغيير سنوي ثابت، مثل الضمان الاجتماعي المرتبط بمؤشر، والمدفوعات التي تم تحديدها حسب الحاجة - على سبيل المثال، من قبل الهيئة التشريعية - والمدفوعات المرتبطة بأداء الاستثمارات.
هناك نظرية مفادها أن «تعديلات الضمان الاجتماعي» يمكن أن تسهم في ارتفاع التضخم عن طريق تجنيب الناس عواقبه وهذه الطريقة تجعلهم أقل تصميماً على مقاومته، مثل في حالة عدم شراء شيء يعتقدون أنه مبالغ فيه أو غير ضروري.
ووفق رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق آرثر بيرنز في عام 1978، فإنه «إذا حاولت دولة لها مثل تقاليدنا أن تجعل من السهل التعايش مع التضخم بدلاً من مقاومة تأثيره المدمر، فسوف نفقد ببطء ولكن بثبات، الشعور بالانضباط اللازم لمتابعة السياسات الحكومية مع مراعاة الرفاهية الدائمة لشعبنا».
في عام 1989، كتب خبيرا الاقتصاد ستانلي فيشر ولورنس سمرز أنه بمحاولة جعل التضخم أمراً غير مؤلم، فإن الحكومات «قد ينتهي بها المطاف بزيادة التضخم وتقليل الرفاهية». وكتبا أن الفهرسة - أو التصنيف -، تجعلها منطقية فقط للحكومات التي تتمتع بـ«أوراق اعتماد لا تشوبها شائبة لمكافحة التضخم».
ورداً على ذلك، قال بول إنه لا يوافق بالضرورة على استنتاجات فيشر وسمرز، فهي تذكره بالحجة القائلة إن أحزمة الأمان لا تنقذ الأرواح، لأن السلامة التي توفرها تشجع الناس على القيادة بتهور.
علاوة على ذلك، هناك نوع من القسوة في إخبار الناس بأنهم سيتعرضون لويلات التضخم لجعلهم يقاتلون ضده بقوة أكبر. إنه المعادل الاقتصادي لجر الجنود إلى حرب لا يريدون خوضها.

* خدمة «نيويورك تايمز»