سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

الجنرال في ثلوجه

ألحَقَ الروس الهزيمة بجيوش نابليون عندما استدرجوها للتوغّل في أراضيهم إلى حين هطول الثلج، فغرقت فيه وهُزمت شر هزيمة. ومن يومها أصبح «الجنرال ثلج» مصطلحاً عسكرياً، يستخدم للدلالة المريرة في البلدان الباردة، وللسخرية في البلدان الحارة، كما حدث في مصر أيام حرب سيناء... في انتظار «الجنرال ثلج».
يقف العالم على رؤوس أصابعه بين يدي اثنين من عتاة جنرالات الثلوج: فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي. بطلان قوميان. الأول يدافع عن الكرامة الروسية، والثاني عن الإهانة الأوكرانية التاريخية.
كلاهما يفاقم هزائمه، يوماً بعد يوم، منذ نصف عام. لكن الخسارة الكبرى في هذه الحرب المريعة يتكبدها المصري والهندي والإيطالي والمكسيكي وسائر البشر. بوتين جالس ينتظر ثلوج الخريف والشتاء وفي يده مفاتيح الغاز يغلقها عن كبار السن في أوروبا، والزعيم الأوروبي ماكرون يواجه مواطنيه بالحقيقة: ودّعوا سنوات الرفاهية.
صراع ديوك مكسيكية، كل منهما ينتف ريش الآخر حتى الموت، فالمسألة مسألة شرف «لا يسلم من الأذى إلا إذا أريق على جوانبه الدم». أما بالنسبة للذين لا علاقة لهم بموسكو وكييف، فالحرب دخلت بيوتهم من أسعار الطاقة والوقود والغذاء والكهرباء التي انقطعت حتى عن مدينة مثل برلين، رمز المجد الصناعي عبر التاريخ. عبثاً يحذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن «كوارث كبرى تنتظر العالم هذا الشتاء». يقول السنيور غوتيريش: «كل يوم يمرّ يحمل إلى الذين على الأرض المزيد من سفك الدماء والمعاناة، وبالنسبة إلى الآخرين حول العالم تحمل الحرب أخطار مجاعات وكوارث وأزمات لا سابقة لها في التاريخ».
هناك 1.8 مليار بشري في 94 بلداً سوف يتضررون مباشرة من أزمة الطاقة، وقد توالدت الأزمات من بعضها: غلاء الطاقة سبب أزمة نقل، وأزمة النقل ولّدت أزمة نقص، والنقص أدّى إلى التضخم وارتفاع الأسعار.
تراجع الاقتصاد الروسي 45 في المائة. وطالت العقوبات كل روسي في بيته. وتبادل الروس والأوكرانيون أوسع عملية ذبح وقتل هذا القرن. لكن المهم ألا يتخلى بوتين عن منظر الكتفين العريضتين، وغريمه عن منظر القميص القطني القصير الكمين. لا بد أن المصممين يعملون على بزة شتائية.