مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

الإيجابي والسلبي

سوف ألقي بعض الضوء على العمالة الأجنبية في بعض البلاد العربية - خصوصاً العمالة النسائية، التي هي نقطة ضعفي - وأكثرها إيجابي وبعضها سلبي، ومنها مثلاً:
تمكنت الصحافية السعودية (روان رضوان) من الالتقاء بمربيتها الفلبينية بعد فراق لأكثر من 22 عاماً، وأظهرت لحظة اللقاء روان بمربيتها بالعاصمة الفلبينية مانيلا بعد رحلة بحث استمرت لثلاث سنوات، حيث عملت المربية وتدعى (ماري نينا برناردو) في تربية روان وأختها الصغيرة وكانت لهما خير جليسة، وأبانت روان أنها أرادت من بحثها الاطمئنان على صحة مربيتها والوقوف على أحوالها، كنوع من الامتنان ورد الجميل لها.
وإليكم نموذجاً إيجابياً آخر: وذلك عندما ضحت خادمة إندونيسية بحياتها لتنقذ 4 أطفال إماراتيين من الغرق، خلال رحلة بحرية للأسرة التي تعمل معها الخادمة، في منطقة شاطئ (الضبيعة) بأبوظبي.
وأظهر تقرير تلفزيوني بثته قناة (دبي ميديا) حجم التضحية التي قدمتها الخادمة الإندونيسية وتدعى (صفية)، في إنقاذ الأطفال من الغرق، بعدما جرفهم تيار مائي، كما أشار التقرير إلى كيفية علاقة الخادمة مع الأسرة الإماراتية، وتأكيد الأخيرة أنها ستخصص راتباً شهرياً مدى الحياة لأبناء الخادمة الأيتام، تعبيراً عن تقديرهم لدورها البطولي في إنقاذ حياة هؤلاء الأطفال.
ولكن آه من لكن، عندما (أورد لكم موقفاً ليس سلبياً فحسب بل هو إجرامي): أدينت فيه جليسة أطفال هندية في دبي بتهم قتل رضيعة مستخدميها (البالغة 11 شهراً) خنقاً باستخدام وشاح، بعدما تأخر كفيلها بالحجز لها واكتمال أوراقها، وقالت في تبريرها السخيف: إنني كنت أريد أن أسافر في اليوم نفسه للحاق بتشييع جنازة والدتي، وعندما عرفت بالتأخير فقدت أعصابي وأقدمت على ما أقدمت عليه - (سود الله وجهها) - ولا أدري بماذا حكموا عليها؟!
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وفياً (لحليمة السعدية) التي أرضعته واحتوته طوال خمسة أعوام، وكان يكن لها مكانة خاصة في قلبه، ومما يدل على ذلك ما جاء من أن أخت حليمة قدمت إلى سيد الخلق يوم فتح مكة، فسألها عن حليمة، فأخبرته بخبر موتها، فذرفت عيناه دمعاً وأمر لها بكسوة، وأعطاها أيضاً مائتي درهم، وانصرفت بعدها وهي تقول: (نعم المكفول وأنت صغير وكبير).
يقول (أنس بن مالك): خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أف قط، وما قال لي لشيء لم أفعله: ألا كنت فعلته؟ ولا لشيء فعلته: لم فعلته؟، وكان يوصي أصحابه بالإحسان إلى الخدم، والعفو عنهم وعدم الإساءة لأي منهم.