الضعف الجنسي وعملية الفتق

الضعف الجنسي وعملية الفتق
TT

الضعف الجنسي وعملية الفتق

الضعف الجنسي وعملية الفتق

> عمري 58 سنة أجريت عملية الفتق الإربي من الجهة اليسرى منذ 3 سنوات بعد استفحال هذا الفتق ووصول الأمعاء إلى كيس الصفن، لكن دون احتباس فقد كنت أستطيع إرجاع الأمعاء إلى مكانها. وكانت العملية ناجحة، وذكر لي الطبيب بأنه وضع لي شبكتين. ولقد تراجعت قوة الانتصاب بعدها لدي. هل أثرت العملية على الانتصاب؟
هيث ريف- بريد إلكتروني
- هذا ملخص أسئلتك التي لم يتضح لي منها مدى وجود أي اضطرابات أو أمراض مزمنة لديك مثل مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الشرايين، أو السمنة، أو اضطرابات الغدة الدرقية. أو هل أنك تُدخن أو تتناول بعض أنواع الأدوية للعلاج بشكل يومي، أو غيرها من الأسباب الطبية التي ربما تكون ذات صلة بضعف الانتصاب.
وصحيح أنه قد تحدث صعوبات جنسية بعد جراحة إصلاح الفتق لدى بعض الرجال، ولكن تميل هذه المشكلات إلى الزوال في الغالب، بعد فترة النقاهة والشفاء من العملية. وهذا الاختلال الوظيفي الجنسي مؤقت، غالبه بسبب الألم وتشنجات عضلات قاع الحوض.
كما قد يعاني بعض الأفراد المصابين بالفتق، من اختلال الوظيفة الجنسية قبل إجراء أي معالجة جراحية له. ثم تزول المشكلة بعد علاج الحالة جراحياً.
ولاحظ أن الفتق يحدث عندما يبرز جزء من مكونات تجويف البطن من خلال فتحة غير طبيعية، نشأت بطريقة غير طبيعية، في أحد أجزاء جدار البطن. وهناك عدة أنواع من الفتق. ولكن على سبيل المثال كما في سؤالك، يحدث الفتق الإربي عندما يبرز جزء من الأمعاء من خلال ضعف في عضلات البطن على طول جدار القناة الإربية، أي من خلال بقعة ضعيفة في جدار البطن عند القناة الإربية، وهي الممر عبر جدار أسفل البطن بالقرب من الفخذ.
ويُصاب الرجال بهذا النوع من الفتق بمعدل يفوق 10 أضعاف إصابة النساء به. وبعض المصادر الطبية تشير إلى أن حوالي 1 من كل 4 رجال يصابون بفتق إربي في حياتهم، وحوالي 1 من كل 7 سيصاب بفتق يحتاج إلى جراحة.
ووجود الفتق الإربي يكون غالباً بدون أعراض، إذْ لا يعاني غالبية المصابين من ألم مزعج نتيجة الفتق. وبدلاً من ذلك، قد يعانون من عدم الراحة، أو ألم خفيف، أو قد لا توجد أعراض ملحوظة باستثناء الانتفاخ من الفتق نفسه. وبالمقابل، يمكن أن يكون الجزء البارز الناتج عن ذلك مؤلماً لدى البعض، خاصةً عند السعال أو الانحناء أو رفع شيء ثقيل، وخاصة عندما تكون الحالة مستفحلة، ويكون ثمة خروج لبعض مكونات البطن عبر الفتق، وصولاً إلى كيس الصفن في الخصية.
والأشخاص الذين يعانون من هذا الأمر أو يعانون من الألم، هم أكثر عرضة لمشاكل جنسية. وكشفت دراسة نشرت في المجلة الدولية لجراحة المسالك البولية، أن حوالي 25 بالمائة من المرضى اشتكوا من ضعف جنسي قبل الجراحة، واشتكى 15 بالمائة من المرضى من الاختلالات الجنسية المؤقتة بعد الجراحة. وذلك على هيئة إما ألم مع النشوة الجنسية، أو ألم مع الانتصاب، أو قد لا يتمكنون من تحقيق الانتصاب أو الحفاظ عليه. وجراحة إزالة الفتق عادةً ما تحل هذه المشاكل.
وعلى الرغم من أن الفتق لا يبدو أن له صلة مباشرة بالضعف الجنسي، إلا أن الألم بعد الجراحة قد يسبب خللاً في الوظيفة الجنسية لدى بعض المرضى. وهي مشكلة معقدة، لأن الألم بعد الجراحة قد يرتبط بالشبكة المستخدمة في إصلاح الفتق. إذْ قد يتعرف الجسم على الشبكة كجسم غريب، مما يسبب التهاباً أو تهيجاً مؤلماً. كما قد ينتج الألم المزمن أيضاً عن عصب صغير عالق في الشبكة. وفي هذه الحالة، يختار المرضى إزالة الشبكة أو استئصال العصب أو حقن التخدير لتخفيف الألم.
وفي مراجعتهم لهذا الأمر، يقول أطباء الجراحة في كلايفلاند كلينك: «نعتقد أنه من المهم جداً تعليم المريض الذي يشكو من العجز الجنسي، أنه من غير المحتمل أن يكون الخلل الوظيفي الجنسي وإصلاح الفتق الإربي مرتبطين بشكل مباشر، ما لم تكن هناك مشكلة كبيرة في موقع الشبكة بعد زرعها. وعلى وجه التحديد، في بعض الأحيان يمكن أن تصبح العضلة المشمرة (عضلة تغطي الخصية والحبل المنوي) أو الحبل المنوي، ملتصقا بأنسجة ندبة أو غرسة الشبكة، وبالتالي من المحتمل أن تكون مرتبطة بشكل غير مباشر بشكاوى العجز الجنسي».
وكانت دراسة نُشرت في يونيو (حزيران) 2016 في مجلة وسط أوروبا لجراحة المسالك البولية أن الإصابة بالفتق الإربي والخضوع لجراحة الفتق قد تؤثر على النشاط الجنسي. وكشفت هذه الدراسة أيضاً أن الشبكة المزروعة يمكن أن تؤدي إلى تصلب الأنسجة على المدى الطويل، مما قد يؤثر على الوظيفة الجنسية. ووجدت دراسة أخرى، نُشرت في مارس (آذار) 2018 في مجلة آفاق الجراحة، أن الخلل الوظيفي الجنسي بسبب آلام الفخذ بعد جراحة الفتق، أمر مُلاحظ.
هذا من جانب الفتق، ومن جانب آخر أكثر أهمية، فإن أسباب الضعف الجنسي متعددة، والكثير منها ذو صلة بالإصابة بمرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض الشرايين، أو نتيجة تناول بعض أنواع الأدوية، أو نتيجة للتدخين، أو السمنة، أو اضطرابات الغدة الدرقية، أو الحالة النفسية، أو غيرها من الأسباب الطبية. ولذا فإن من الضروري مراجعة الطبيب قبل افتراض أن الأمر له صلة فقط بعملية الفتق. ومن خلال المتابعة مع الطبيب سيتم البحث عن السبب، وهو ما قد لا يكون له علاقة البتة بالعملية الجراحية لإصلاح الفتق الإربي. وللبحث الطبي في الأسباب، هناك تسلسل في المقاربة الطبية يُجريه الطبيب. وفي غالبية حالات ضعف الانتصاب، فإن كل ما يحتاج إليه الطبيب لتشخيص ضعف الانتصاب والتوصية بالعلاج هو الإجابة عن بعض أسئلة محددة حول التاريخ الطبي لهذه المشكلة، وإجراء الفحص الإكلينيكي. كما قد يطرح الطبيب بعض الأسئلة للتعرف على ما إذا كان ثمة اكتئاب أو أسباب نفسية أخرى محتملة لضعف الانتصاب. وعند وجود أمراض مزمنة أو اشتبه الطبيب فيها، فقد يُجري الفحص الإكلينيكي الدقيق للقضيب والخصيتين وفحص الأعصاب للتحقق من الإحساس. كما قد يُجري اختبارات للدم والبول، للكشف عن مؤشرات مرض القلب ومرض السكري وانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون وحالات أخرى. ووفقاً للنتائج، قد يُجري الطبيب أيضاً فحص الأوعية الدموية التي تُمدّ القضيب بالدم، باستخدام الأشعة فوق الصوتية، لمعرفة ما إذا كانت ثمة مشكلات في تدفق الدم أم لا إلى القضيب.

- استشاري باطنية وطب قلب للكبار
الرجاء إرسال الأسئلة إلى العنوان الإلكتروني: [email protected]


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».