علاج «ثوري».. لالتهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال

بتوظيف عقار للسكتة الدماغية لا يحتوي على المضادات الحيوية

علاج «ثوري».. لالتهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال
TT

علاج «ثوري».. لالتهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال

علاج «ثوري».. لالتهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال

يعتبر التهاب الأذن الوسطى (otitis media) من أكثر الالتهابات التي تحدث في فترة الطفولة وتسبب ألما للطفل وارتفاعا في درجة الحرارة. ومن علاماته وضع الطفل يديه باستمرار على أذنيه لشعوره بالألم. ورغم شيوع المرض وسهولة علاجه، فإنه إذا تم تركه أو إهماله من دون علاج مع تكرار الإصابة به، يمكن أن يكون من الأسباب المهمة لفقدان حاسة السمع ويكون الضرر أكبر إذا حدث هذا للطفل في سن مبكرة خاصة في الفترة التي يبدأ فيها بتعلم الكلام.
وتكثر الإصابة لدى الأطفال الأصغر عمرا (فترة ما قبل الدراسة)، حيث إن قناة استاكيوس (أوستاكي) لا تعمل بالكفاءة المطلوبة في الأطفال الصغار ومن السهل أن يحدث انسداد بها كلما أصيب الطفل بنزلة برد أو حساسية، لذلك تكون شكوى الأمهات في الأغلب أن الطفل دائما يصاب بالتهاب في الأذن مباشرة بعد إصابته بنزلة البرد.
ويكون علاج التهاب الأذن الوسطى باستخدام المضادات الحيوية مع علاج للأعراض مثل خافض حرارة لارتفاع درجة الحرارة أو مسكنات لتجنب الألم.

علاج ثوري

وفي أحدث الأبحاث المتعلقة بعلاج التهاب الأذن الوسطى توصل الباحثون في التجارب التي تم إجراؤها على الحيوانات إلى علاج فعال. المثير أن هذا العلاج يستخدم بالفعل، لكن ليس في علاج التهاب الأذن الوسطى، وإنما في علاج السكتة الدماغية والكثير من الأعراض العصبية الأخرى، وهذا العلاج سوف يجنب الأطفال مخاطر الجرعات المتزايدة من المضادات الحيوية، وذلك حسب الدراسة التي نشرت في منتصف شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة المناعة Journal of Immunology، والتي قام بها علماء أميركيون من جامعة جورجيا Georgia State University وجامعة روشتر بالولايات المتحدة.
العلاج الجديد يمكن أن يحدث ثورة في العلاج لأنه يعتبر الدواء الفعال الأول الذي لا يحتوي في تركيبته على المضادات الحيوية، فضلا عن أن العلماء يشيرون إلى إمكانية أن يكون هذا العلاج على شكل «كريم» أو دهان يتم دهانه على الأذن، وهو ما يمكن أن يأتي بنتائج مذهلة مع الأطفال، وخصوصا أنه في الكثير من الأحيان تكون المضادات الحيوية على شكل الحقن، وهو الأمر الذي يتسبب في ألم الطفل وصعوبة العلاج، إضافة إلى الأعراض الجانبية لعملية الحقن وإمكانية حدوث خراج بعضلة الفخذ، خاصة في الطفل كثير التحرك، ويقاوم عملية الحقن.
كما أن العلاج عن طريق الفم تكون طريقة غير فعالة تماما في حالة الأطفال نظرا لرفض الطفل في الأغلب تناول العلاج أو بصقه أو حدوث قيء، لذلك تعتبر طريقة الدهان طريقة أكيدة لتناول العلاج، وقد وجدت الدراسة أن العلاج الموضعي يقلل من إفراز المواد المخاطية، التي يتم فرزها كاستجابة للإصابة بالبكتيريا المسببة لالتهاب الأذن الوسطى، كما أنه قام بتحسين حاسة السمع في الحيوانات المصابة بالتهاب الأذن الوسطى، وساعد في التخلص من البكتيريا المسببة للمرض. العقار المزمع استخدامه، واسم مادته العلمية فينوباستين Vinpocetine (توجد أسماء تجارية لمعظم العقاقير تختلف باختلاف الشركة المصنعة وتشترك جميعا في نفس المادة الفعالة والاسم العلمي)، يستخدم بالفعل منذ فترة طويلة في علاج السكتة الدماغية وبعض الأمراض العصبية الأخرى، وهو علاج مصنع من أحد النباتات، وتم اكتشافه منذ الستينات من القرن الماضي. وقد ساعد العقار على زيادة المناعة ومقاومة البكتيريا في النماذج التي تمت تجربته عليها، فضلا عن انخفاض معدل تكوين المخاط في الأذن الوسطى (يعتبر تكوين المخاط في الأذن الوسطى المؤثر الأساسي في المرض، كما أن منع تكوينه يضمن الشفاء بنسبة كبيرة). ويتفوق العقار أيضا على المضادات الحيوية في أن تكرار استخدام الأنواع المختلفة من المضادات الحيوية تسبب في خلق مقاومة لعمل معظم هذه الأنواع من البكتيريا المسببة للمرض، لكن مع الأسف قبل هذه التجارب لم يتم التوصل إلى نوع جديد من المضادات الحيوية يكون معنيا بالقضاء على الميكروب المسبب للمرض، ولا يزال فعالا بشكل كافٍ للعلاج.

نجاح التجارب

عند استخدام العقار في الفئران المصابة بالتهاب الأذن الوسطى قام العقار بتثبيط الجين في البكتيريا المسببة للمرض، المسبب لإفراز المخاط بوفرة. وأشار الباحثون إلى أن استخدام عقار تمت تجربته بالفعل منذ أعوام طويلة يوفر الوقت والجهد، والأهم على الإطلاق يجنب المريض مخاطر الأعراض الجانبية، حيث إن العقار مستخدم من نصف قرن تقريبا، حيث وجد الباحثون أن استخدام العقار في الفئران لم يسبب أي أعراض جانبية في الجرعات العلاجية.
كما وجدوا أن العلاج يقلل أيضا التكاليف، وخصوصا أن المرض يكلف دولة مثل الولايات المتحدة المليارات من الدولارات كل عام جراء العلاج والتجارب، وأيضا أيام الانقطاع عن المدرسة، حيث وجدت إحدى الدراسات في العام الماضي أن التهاب الأذن الوسطى يكلف الحكومة الأميركية 314 دولارا لكل طالب مصاب كل عام جراء العلاج في العيادة الخارجية، فضلا عن 17 دولارا لقيمة العلاج، وبالنسبة لجموع الطلاب يمكن أن يمثل هذا الرقم قيمة فلكية. وبالطبع تتفاقم المشكلة في الدول الفقيرة والنامية، حيث لا يتم العلاج بالشكل الجيد، مما يمكن أن يتسبب في تأثر حاسة السمع عند الكثير من الأطفال. ويأمل الباحثون أن يحصل العلاج على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية ليبدأ استخدامه على نطاق واسع في الأطفال، وخاصة أن التجارب التي أجريت على الفئران كانت ناجحة.

* استشاري طب الأطفال



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».