بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* علاقة الإقلاع عن التدخين بالتحكم في السكري
* يدور، منذ القدم، اعتقاد خاطئ بين شريحة المدخنين من أفراد المجتمع حول تخوفهم من الإقلاع عن التدخين؛ لارتباطه بالتدهور في الصحة العامة، وزيادة الشهية لتناول الطعام وما يتبعها من زيادة في الوزن، في الوقت الذي ينصح فيه الأطباء مرضى السكري من النوع الثاني بضرورة الإقلاع عن التدخين على وجه السرعة؛ للحد من مخاطره المرتفعة على صحة القلب والأوعية الدموية خاصة عند مرضى السكري، حتى وإن كان الإقلاع عن التدخين له تأثير سلبي مؤقت على قوة التحكم في مستوى الغلوكوز في الدم، وفقا لما أشارت إليه نتائج دراسة بريطانية نشرت أخيرا في دورية «لانسيت للسكري والغدد الصماء «The Lancet Diabetes & Endocrinology».
أجريت هذه الدراسة للتعرف على ما إذا كان هناك بالفعل ارتباط بين الإقلاع عن التدخين ووجود تغييرات في السيطرة على مرض السكري بين المرضى المشاركين في هذه الدراسة، وإن وجد الارتباط، فإلى متى تستمر هذه العلاقة؟ وأخيرا التعرف على ما إذا كانت العلاقة مرتبطة بتغيرات الوزن.
وحقيقة علمية مثبتة، فإن التدخين يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. والإقلاع عنه له تأثير سلبي في فترة محددة من بعد الإقلاع أشارت إليه بعض الدراسات السكانية من أنه يكون أكثر من تأثير التدخين على المستمرين على التدخين. وبعد بضع سنوات وجد أن ذلك الخطر تعادل مع من لم يسبق لهم التدخين. وتشير دراسات أخرى أجريت على مجموعة صغيرة من مرضى السكري المدخنين إلى أن التحكم في مرض السكري يتدهور بشكل مؤقت خلال السنة الأولى بعد الإقلاع عن التدخين.
قام باحثون من جامعة كوفنتري Coventry University بتحليل بيانات لعدد 10692 مدخنا بالغا، ويعانون من مرض السكري من النوع الثاني على مدى ست سنوات. وعلى مدار مدة الدراسة، استطاع 29 في المائة من المشاركين (3131 شخصا) التوقف عن التدخين لمدة سنة على الأقل. ووجد فريق البحث في المدخنين السابقين زيادة نسبتها 0.21 في مستوى تحليل نسبة السكر التراكمي HbA1c بعد الإقلاع عن التدخين، كما وجدوا أنه مع الاستمرار في الامتناع عن ممارسة التدخين كان هناك انخفاض تدريجي في مستوى السكر التراكمي. ووجدوا أيضا أن 55 في المائة (5831 شخصا) واصلوا ممارسة التدخين، وكان لديهم مستوى نسبة السكر التراكمي يرتفع تدريجيا. ولم تكن هناك علاقة بين تغيرات الوزن ومستوى السيطرة على مرض السكري.
ووفقا للباحثين، فإن الحد من مستوى نسبة السكر التراكمي بمقدار واحد في المائة فقط كفيل بخفض احتمالات فشل القلب بنسبة 16 في المائة، وخفض خطر حدوث مضاعفات في الأوعية الدموية الدقيقة لدى مرضى السكري بنسبة 37 في المائة. وهذا يبين بوضوح مدى أهمية وتأثير التغيرات في مستوى السكر التراكمي حتى وإن كانت صغيرة. وتؤكد رئيسة فريق البحث ديبورا ليسيت Deborah Lycett على أن التدهور في مستوى السكر في الدم الذي يحدث في وقت التوقف عن التدخين، يساعد في إعداد مرضى السكري وأطبائهم المعالجين لتشديد سيطرتهم على نسبة السكر في الدم خلال هذه الفترة.

* نقص أشعة الشمس وسرطان البنكرياس
* من الأخطاء الشائعة عند كثير من سكان منطقة الخليج عدم التعرض الكافي لأشعة الشمس؛ خوفا من آثارها الضارة على الجلد، على الرغم من الدراسات الكثيرة التي تنصح بالتعرض للشمس خلال الساعات الأولى والأخيرة من النهار؛ حيث ترجح فوائد أشعة الشمس على أضرارها من حيث دعم التزود بفيتامين «دي».
وهناك جدل قائم حول ما إذا كان نقص فيتامين «دي» يمكن أن يؤثر على وبائية سرطان البنكرياس؛ حيث وجدت عدة دراسات أن ارتفاع تركيز هرمون 25 - هيدروكسي فيتامين «دي»، 25 -hydroxyvitamin D، يرتبط بانخفاض مخاطر سرطان البنكرياس، بينما البعض الآخر لا يرتبط، كما أن انخفاض الأشعة فوق البنفسجية «بيتاB» المشعة له ارتباط بارتفاع في معدل الإصابة بسرطان البنكرياس.
وقد وجد علماء أميركيون ارتباطا بين نقص أشعة الشمس وحدوث سرطان البنكرياس. وأن معدلات سرطان البنكرياس أعلى في البلدان التي تحصل على قدر قليل من أشعة الشمس (بسبب الارتفاع عاليا وتغطية السحب الثقيلة)، وفقا لدراسة حديثة نشرت في «مجلة الكيمياء الحيوية للاستيرويد والبيولوجيا الجزيئية «The Journal of Steroid Biochemistry and Molecular Biology». قام باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، بتحليل بيانات من 107 دول، وأخذوا في الحسبان الاختلافات الإقليمية لكل دولة والتأثيرات المحتملة من بعض المواد، مثل استهلاك الكحول والتدخين والسمنة، فوجدوا علاقة عكسية قوية بين كميات أشعة الشمس وسرطان البنكرياس.
كما وجدوا أن الناس الذين يعيشون في البلدان المشمسة بالقرب من خط الاستواء ينخفض لديهم معدل الإصابة بسرطان البنكرياس إلى السدس (1 - 6) فقط عن أولئك الذين يعيشون بعيدا عن خط الاستواء. إن أهمية نقص أشعة الشمس توحي بقوة نقص فيتامين «دي» وتأثيره على مخاطر الإصابة بالبنكرياس.
ويؤكد رئيس فريق البحث سيدريك غارلاند Cedric F. Garland أن دراسات سابقة قد أظهرت أن مستويات كافية من فيتامين «دي» في الدم كانت مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم.
إن العلو والارتفاع أو التغطية بسحابة ثقيلة، يمنع الجلد من التعرض بدرجة كافية للأشعة فوق البنفسجية UV – B، وينخفض مستوى فتامين «دي»؛ لأن التغذية وحدها وبشكل عام لا يمكنها تزويد الجسم بالكميات الكافية من هذا الفيتامين.

استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال