شاشة الناقد

مشهد من «فاينال كَت»
مشهد من «فاينال كَت»
TT

شاشة الناقد

مشهد من «فاينال كَت»
مشهد من «فاينال كَت»

- ‫Final Cut ‬
- «النسخة الأخيرة»
- إخراج: ميشيل أزاناڤسيوس | Michel Hazanavicius
- فرنسا (2022)
- ‪رعب كوميدي‬ | عروض: كان (خارج المسابقة)
- ★
لا علم لأحد حول كيف يتم اختيار أفلام مهرجان «كان» ولا بالطبع على أي أساس نخبوي يتم اختيار فيلم الافتتاح. لكن يمكن، من خلال بحث ينصرف إليه الناقد، استشراف أن المهرجان الفرنسي لم يصب في اختيارات أفلام الافتتاح أكثر من مرات عدة طوال تاريخه الحديث (لنقل منذ بداية هذا القرن مثلاً).
وكما أشرت هنا سابقاً، كان المهرجان اختار فيلم زومبي حققه جيم جارموش بمنحاه الخاص وأسلوبه الناجح في إبقاء الدراما تتفاعل تحت السطح عنوانه «الموتى لا يموتون». تحديات ذلك الفيلم الفنية محدودة وهو لم يترك الأثر الذي يشجع الآخرين على تذكره كواحد من علامات تلك الدورة.
فيلم ميشيل أزاناڤسيوس سيفعل ذلك، ولو من مدخل آخر: سيعلق في البال على أنه أسوأ اختيار لحفل افتتاح مهرجان كبير مثل «كان». هذا ليس عائداً إلى أنه فيلم زومبي أو إلى أنه فيلم زومبي - كوميدي، ولو أن على فيلم من هذا النوع أن يكون نموذجياً وجديراً بالإعجاب (كأفلام جورج أ. روميرو صانع «ليلة الأحياء - الموتى» والسلسلة التي تبعته) بل لأنه فيلم ركيك وسخيف كان يصلح للاشتراك في مهرجان متخصص في أفلام الرعب لولا أن صيت صانعه، كمخرج حاز حقيبة من الأوسكارات عن فيلمه الأسبق (والأفضل للآن) «صامت» (Silent) لن تسمح له بذلك.
يفتح الفيلم على طاقم عمل فيلم رعب صغير حول الزومبيز. يتضمن الطاقم فنيين وممثلين محاطين بما يشي بنوعية الفيلم كمستوى وقيمة إنتاجية ضحلة. فجأة يجدون أنفسهم عرضة لهجوم من زومبيز حقيقيين. الواحد منهم، قد يقوم من موته وقد أصبح زومبي آخر.
عند هذه اللحظة المتقدمة من الفيلم لم أمانع في أن يقوم الفيلم من موته المبكر ليرتفع قليلاً عن مستوى قصد المخرج به أن يماثل الطريقة التي يتم فيها (حسب رأيه ورؤيته) تلك الأفلام الرخيصة المماثلة. الطريقة الأجدى ليست المحاكاة باستخدام ذات الطرق والعناصر التي في أفلام العنف، بل في القدرة على توفير النظرة إليها لتتضمن وصفها على النحو التي هي عليه والمسافة التي على الفيلم اتخاذها لكي تنجح مبادرته سواء أكانت استخدام الهلع كمفتاح أم الكوميديا والسخرية كسبب لهذا الاختيار.
لكن أزاناڤسيوس بعيد جداً عن ذلك. يريد أن يصنع فيلماً ساخراً عن أفلام (بما فيها الفيلم الياباني الذي نقل حكايته، كما أوردت في رسالة سابقة من «كان» وهو «قطعة من الميت») ولا يستطيع. لا النكتة تصل ولا الرعب يحدث. فقط العنف والدم يندمجان في لقطات لا معنى لها.
هذه البداية (نحو نصف ساعة) ستكون شريحة ما سيسود لاحقاً عندما ينقلنا «فاينال كت» (وهو عنوان إنجليزي لا يعبر عن شيء بالتحديد هنا) إلى فترة ما قبل التصوير حيث نشاهد منتجاً يابانياً يتقدم من مخرج فرنسي غير ذي شأن (رومان دوريس) بمشروع هذا الفيلم المنوي تصويره. هذا المخرج الفرنسي لديه ابنة صغيرة (هي ابنة المخرج أزاناڤسيوس فعلاً) ومتزوج من ممثلة (التي هي شريكة حياة أزاناڤسيوس في الواقع).
لحمة عائلية وراء الكاميرا لا تعني سوى أن أزاناڤسيوس، وبتفكير مرجعي وتقليدي، يريد توزيع الكعكة على الأقربين أولاً. سنعود لاحقاً لمتابعة ما بدأ الفيلم عليه من تمهيد لكن الفيلم بأسره كان انتهى في البال والتوقعات منذ حين وجيز على بدايته.
في الأساس، وعلى نحو عملي، عرض كل ما سيأتي عليه لاحقاً في تلك البداية، هذا لأن قريحة المخرج أشارت له بأنه في وقت لاحق من الفيلم، وبعد الحديث عن معضلات درامية لمخرج مضطر لتحقيق فيلم سخيف، نعود فنرى المشاهد ذاتها لاحقاً. في أيام خلت كان من حق المشاهد الاعتقاد أن عارض الفيلم في الصالة خلط البكرات، لكن هنا هو خلط فراغات.
ومع مشاهد مثل يد مقطوعة يلعب بها أفراد الفيلم - داخل الفيلم، ورؤوس يطاح بها بالفؤوس وما شابه من لقطات ومشاهد أخرى لتجسيد دموية الفيلم الصغير داخل الفيلم الكبير، يصل الفيلم إلى منحدر جديد ينزلق فوقه ويستمر عليه حتى النهاية.
ميشيل أزاناڤسيوس كتب السيناريو ونفذه كما كتبه من دون نصيحة أحد. هذا يعني أن الرجل وجد صوته وغنى به معجباً بصرف النظر عما إذا كان صالحاً للغناء أم لا. الفيلم لم يكن يحتاج، على سبيل المثال، لبداية سنعود لتكملتها فيما بعد. التفعيلة مثل لعبة نارية خمدت بعد ثوان من انطلاقها. لم يكن بحاجة لتصوير الانفعال بانفعال آخر مفتعل. وقيمة الفيلم تتدنى أكثر عندما يحاول الربط بين الرعب وقضايا هائمة هنا مثل الحرب العالمية الثانية ووقعها على اليابان كما لو أن أفلام الرعب هناك ارتبطت بها. وهو يسرق من عند جورج أ. رومبرو مفاداته حول الزومبي والسلطات ودور الإعلام. لو سرقها واستخدمها جيداً، لكان به، لكن الفيلم لا يفعل بها شيئاً سوى محاولة ستر بعض عري أفكاره بورق التوت.
الشيء الوحيد الباقي يتمحور، إذاً، حول سؤالين: هل كان أزاناڤسيوس مضطرا لتحقيق هذا الفيلم؟ والثاني هل كان المهرجان مضطراً لعرضه كفيلم افتتاح تمثل 75 سنة من الإنجاز؟

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

طفل تونسي يخطف الأنظار في «القاهرة السينمائي» عبر «الجولة 13»

يوميات الشرق الطفل هادي بطل الفيلم التونسي (إدارة المهرجان)

طفل تونسي يخطف الأنظار في «القاهرة السينمائي» عبر «الجولة 13»

الطفل التونسي هادي بن جابورية يلفت الأنظار في فيلم «الجولة 13» الذي يجسد صراع أسرة مع سرطان طفلها في عمل واقعي لاقى إشادة نقدية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق صور الفيلم في مدن تركية عدة (الشركة المنتجة)

علي رضا خاتمي لـ«الشرق الأوسط»: تربيت على أدب نجيب محفوظ

قال المخرج الإيراني - الأميركي علي رضا خاتمي إن فيلمه الجديد «الأشياء التي تقتلها» يمثل تجربة شخصية جداً، انطلقت من ذاكرته الخاصة ومن علاقته المعقدة مع والده.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يناقش الفيلم قضايا اجتماعية حول علاقة الفرد بالأسرة (الشركة المنتجة)

غابريال أوربونايت: فيلمي «ترميم» يعالج هشاشة الروابط العائلية

قالت المخرجة الليتوانية، غابريال أوربونايت، إن فيلمها «ترميم» وُلد من رغبتها في الغوص في العلاقات الإنسانية التي تكون على الحافة بين الفقد والتجدد.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق جعفر جاكسون بدور عمّه في فيلم «مايكل» الذي يُعرض في أبريل المقبل (الشركة المنتجة Lionsgate)

جعفر جاكسون يعيد عمّه مايكل إلى الحياة في فيلم مثير للجدل

الفيديو الترويجي لفيلم «مايكل» حطّم أرقام المشاهدات خلال 24 ساعة، في دليل على أن شخصية مايكل جاكسون وحياته ما زالت تثير الفضول والاهتمام.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق استغرق العمل على الفيلم سنوات عدّة (الشركة المنتجة)

نيكولا خوري: اضطررت لحذف مشاهد كثيرة من «ثريا حبي»

في «ثريا حبي» يصنع خوري فيلماً حميمياً يستعيد فيه امرأة تواجه رحيل زوجها عبر الضوء والذاكرة، بعيداً عن السياسة اللبنانية وضجيجها.

أحمد عدلي (القاهرة )

بعد «الأسد الملك» و«سندريلا»... ديزني تُعيد «موانا» بنسخة حيّة

صورة من الإعلان الجديد للنسخة الحية من فيلم «موانا» (ديزني)
صورة من الإعلان الجديد للنسخة الحية من فيلم «موانا» (ديزني)
TT

بعد «الأسد الملك» و«سندريلا»... ديزني تُعيد «موانا» بنسخة حيّة

صورة من الإعلان الجديد للنسخة الحية من فيلم «موانا» (ديزني)
صورة من الإعلان الجديد للنسخة الحية من فيلم «موانا» (ديزني)

بعد تسع سنوات فقط على إصدار فيلم الأنيميشن «موانا»، تعود ديزني لتفتح صفحة جديدة من مشروعها الأكثر إثارة للجدل وهو تحويل أفلامها الكرتونية إلى نسخ حيّة، حيث صدر أمس (الاثنين) الإعلان التشويقي الأول لفيلم «موانا»، الذي يمكن اعتباره علامة على تكريس الشركة لخططها الأخيرة، بالاستناد على موجة النوستولجيا والرغبة في توسيع جمهورها العالمي، عبر تحويل الشخصيات الكرتونية الناجحة إلى أفلام حيّة، ومن المنتظر عرض الفيلم في صيف 2026.

وتظهر كاثرين لاغا‌ آيا، صاحبة السابعة عشرة عاماً، في أولى لقطات الإعلان وهي تجسد شخصية «موانا» على اليابسة، قبل أن تتجه إلى البحر الذي شكّل العمود الفقري للفيلم الأصلي، مع عودة دوين جونسون في شخصية «ماوي» التي لا تعد مجرد استعادة لصوت مألوف، بل استثمار في إحدى أكثر الشخصيات جماهيرية في تاريخ ديزني الحديث، إذ شكّل «ماوي» في النسخة الكرتونية عام 2016 مفتاحاً لشعبية الفيلم، ووجود جونسون في الفيلم يعكس محاولة ديزني تأكيد استمرارية العلامة كما عرفها الجمهور.

استراتيجية ديزني الجديدة

ومنذ عام 2010، شرعت ديزني في سياسة توسعية لتحويل مكتبة الأنيميشن لديها إلى أفلام حيّة، بدءاً من «سندريلا» و«ماليفسنت» (المعتمد على شخصية الملكة الشريرة من فيلم «سنووايت») ووصولاً إلى «علاء الدين» و«الأسد الملك»، وحتى اليوم، أنتجت الشركة أو أعلنت عما يقارب ستة وعشرين عنواناً من هذه النسخ، وهذا الرقم ينتمي إلى استراتيجية واضحة في أن ديزني لم تعد تنظر لأفلامها الكلاسيكية بوصفها أعمالاً مكتفية بذاتها، بل بوصفها ملكية فكرية قابلة لإعادة الاستثمار لسنوات طويلة، خصوصاً في بيئة صناعية تتحوّل فيها كل علامة ناجحة إلى سلسلة، أو عالم سينمائي، أو امتداد بصري جديد.

وتشير تقارير متخصصة إلى أن نجاح «موانا» الأصلي في شباك التذاكر الذي حقق أكثر من 600 مليون دولار عالمياً، وضعه في قائمة أفلام الأنيميشن الأكثر تأثيراً لدى ديزني خلال العقد الأخير، كما أن الأغنية الشهيرة How Far I’ll Go تحولت إلى ظاهرة رقمية وأيقونة موسيقية متجددة، ما جعل الفيلم يحتفظ بشعبيته بين الأجيال الجديدة على منصات البث، وضمن قوائم «الأكثر مشاهدة» في عدة بلدان، خصوصاً بعد الإغلاق العالمي خلال جائحة كورونا حين عاد الجمهور لاستهلاك المحتوى العائلي على نطاق واسع.

ينطلق الفيلم الحي «موانا» في دور العرض من حول العالم في يوليو القادم (ديزني)

موجة النسخ الحيّة

من ناحية ثانية، يعكس هذا النجاح طموح النسخة الحيّة الجديدة، لكنه يكشف أيضاً التحديات التي تواجهها، فبينما حققت بعض النسخ الحيّة نجاحات ضخمة مثل «جميلة والوحش»، واجهت أخرى انتقادات عنيفة بسبب افتقارها للروح الأصلية أو اعتمادها المفرط على المؤثرات البصرية، مما يجعل «موانا» أشبه باختبار مهم لتوازن ديزني بين التقنية والحساسية الفنية، وبين إعادة تقديم قصة محبوبة كما هي، وإظهار الابتكار السينمائي الذي يبرر وجود نسخة جديدة أصلاً.

واللافت أيضاً أن الفارق الزمني قصير هذه المرة (أقل من عشر سنوات)، فهذه المرة الأولى التي تُعيد فيها ديزني إنتاج فيلم أنيميشن حديث نسبياً، وكأن الشركة تقول إنها لا تنتظر أن يتحوّل العمل إلى «كلاسيكية» لكي تُعيد تقديمه، بل يكفي أن يكون قد حقق حضوراً عالمياً لافتاً.

فيلم «موانا» أصدرته ديزني عام 2016 وحقق نجاحات كبيرة (ديزني)

اختبار جماهيري

وتأتي النسخة الحية من «موانا» في وقت تحاول فيه الشركة استعادة جزء من نفوذها في شباك التذاكر بعد أداء متذبذب لبعض أفلامها الأخيرة، ومع عودة رواد الصناعة إلى التركيز على الأعمال العائلية الضخمة، تصبح «موانا» رهاناً استراتيجياً يعود إلى معادلة مجرّبة، في قصة محبوبة وموسيقى شهيرة وبطلة شابة قادرة على إعادة تعريف نموذج «الأميرة» في سياق عصري.

ومع ترقب موعد عرضه في 10 يوليو مع العام المقبل، يبدو أن المشروع سيمثل اختباراً جديداً لعلاقة الجمهور مع إرث ديزني، ولمدى استعداد الشركة للانتقال من عالم الأنيميشن إلى عالم أكثر تعددية في الوسائط والتقنيات، وإذا كان الفيلم الأصلي قد أسّس لمكانة خاصة، فإن النسخة الجديدة ستكشف ما إذا كانت هذه المكانة قابلة لإعادة البناء، أم أن الأنيميشن - كما يدور الجدل دائماً - لا يمكن نسخه ببساطة في عالم واقعي دون فقدان شيء أساسي من روحه.


البابا: السينما تجد «الرجاء وسط مآسي العنف والحروب»

البابا ليو الرابع عشر خلال لقاء في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما (أ.ف.ب)
البابا ليو الرابع عشر خلال لقاء في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما (أ.ف.ب)
TT

البابا: السينما تجد «الرجاء وسط مآسي العنف والحروب»

البابا ليو الرابع عشر خلال لقاء في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما (أ.ف.ب)
البابا ليو الرابع عشر خلال لقاء في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما (أ.ف.ب)

شدّد البابا ليو الرابع عشر، خلال لقاء السبت في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما، على أن الفن السابع وسيلة «رجاء» وسط «العنف والحروب».

واستقبل البابا أكثر من مائة من وجوه عالم السينما، من ممثلين ومخرجين ومنتجين، بقاعة كليمنتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان، من بينهم كايت بلانشيت وأليسون بري وجود أباتاو وفيغو مورتنسن.

وقالت بلانشيت للصحافيين إثر اللقاء: «كانت كلماته رائعة، وأتمنى أن يسترشد بها وزراء الثقافة حول العالم. لقد تحدث عن الرأفة والتعلّم من مشكلات العالم».

البابا ليو الرابع عشر خلال لقاء في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما (أ.ف.ب)

وكان الممثلون الإيطاليون، داريو أرجينتو وماتيو غاروني ومونيكا بيلوتشي، حاضرين أيضاً في اللقاء مع البابا الذي صافح جميع المدعوين فرداً فرداً، ومن بينهم الممثل والمخرج الأميركي سبايك لي الذي أهدى البابا، وهو مُواطِنه، قميص فريق نيويورك نيكس لكرة السلة، نظراً إلى أن السينمائي الشهير من أبرز مشجعي النادي.

وقال لي عقب اللقاء: «إنه البابا (ليو) الرابع عشر، لذا فإن القميص يحمل الرقم 14. وكُتبت عليها البابا ليو من جهة الظهر»، موضحاً أن فريق نيويورك نيكس يضم ثلاثة لاعبين من جامعة فيلانوفا في بنسلفانيا التي سبق أن درس فيها البابا روبرت بريفوست.

وقال البابا البالغ 70 عاماً لضيوفه: «عندما يُضاء الفانوس السحري للسينما في العتمة، تشتعل بالتوازي نظرة الروح».

وقال إن «أحد أثمن إسهامات السينما يكمن تحديداً في مساعدة المشاهِد على العودة إلى ذاته، والنظر بعينين جديدتين إلى تعقيدات خبرته الخاصة، ورؤية العالم كما لو كانت المرة الأولى، واكتشاف جزء من ذلك الرجاء، الذي من دونه لا تكتمل حياتنا».

البابا ليو الرابع عشر خلال لقاء في الفاتيكان مع نجوم وشخصيات من عالم السينما (أ.ف.ب)

وأعلن الفاتيكان أن لقاء البابا مع وجوه من عالم السينما يهدف إلى استكشاف «الإمكانات التي يوفرها الإبداع الفني لرسالة الكنيسة وتعزيز القيم الإنسانية».

وأمام الجمهور، أعلن البابا عن أفلامه الأربعة المفضلة، ومعظمها يتمحور حول الأمل.

وهذه الأعمال هي: «إتس إيه واندرفول لايف» (It's a Wonderful Life) عن ملاك يُرسَل من السماء لمساعدة رب أسرة يائس، والفيلم الغنائي الشهير «ذي ساوند أوف ميوزيك» (The Sound of Music)، والدراما العائلية «أورديناري بيبل» (Ordinary People) لروبرت ريدفورد، وفيلم «لايف إز بيوتيفيل» (Life Is Beautiful) عام 1997 لروبرتو بينيني، عن قصة أب يحاول حماية ابنه من أهوال معسكر اعتقال في الحرب العالمية الثانية.

ووصف البابا، في كلمته، السبت، العاملين في مجال السينما بأنهم «حجاج للخيال، وساردون للرجاء، ورسل للإنسانية».

ولاحظ أن نظرة السينمائيين «قادرة على أن تتعرّف على الجمال حتى في طيّات الألم، والرجاء وسط مآسي العنف والحروب».

وخاطب اختصاصي الفن السابع الحاضرين قائلاً: «لا تخافوا من مواجهة جراح العالم؛ فالعنف، والفقر، والنفي، والوحدة، والإدمان، والحروب المنسية، هي جروح تطالب بأن تُرى وتُروى».

وشدّد على أن «السينما العظيمة لا تستغل الألم، بل ترافقه وتستقصيه. وهذا ما فعله جميع المخرجين الكبار».

وكان الحبر الأعظم السابق البابا الراحل فرنسيس أقام لقاء مماثلاً، في يونيو (حزيران) 2024 بالفاتيكان، شارك فيه أكثر من مائة ممثل.


السينما الإيرانية تنتشر في مهرجانات 2025

من «ابنة نوح» (مادكاتو بيكتشرز)
من «ابنة نوح» (مادكاتو بيكتشرز)
TT

السينما الإيرانية تنتشر في مهرجانات 2025

من «ابنة نوح» (مادكاتو بيكتشرز)
من «ابنة نوح» (مادكاتو بيكتشرز)

في العام الحالي، وحتى الآن، عُرض ما لا يقل عن 30 فيلماً إيرانياً في نحو 8 مهرجانات عالمية، من بينها 15 فيلماً إيراني الإنتاج فعلياً، في حين حمل الباقي اسم إيران كدولة، لكن التمويل الفعلي، وبالتالي جهات الإنتاج، حمل أسماء دول غربية. هذه أفلام تتحدث الفارسية، وشخصياتها إيرانية، وتبحث في شؤون الداخل (مسائل انتقادية) والخارج (مهاجرون في الغرب يرنون إلى التواصل مع أقارب لهم في الداخل).

لو استبعدنا، إلى حين، الأفلام التي أُنتجت في الخارج من دون مشاركة إيرانية باستثناء مخرجيها، فإن العدد المسجل للأفلام الإيرانية المحلية التي أُنتجت في السنوات الخمس الماضية يتراوح بين 180 و210 أفلام في السنة. لا يوجد بعد تعداد دقيق لما أُنتج في العام الحالي، لكن مع الوضع الاقتصادي والأمني لهذا العام، من المحتمل أن يُنتج عدد أقل من الأفلام مقارنة بالأعوام السابقة. لا تتوفر مراجع مؤكدة، ولكن الرقم قد لا يزيد عن 150 فيلماً روائياً وتسجيلياً طويلاً.

«بذرة التين المقدّسة» (فيلم بوتيك)

دلالات

لا يزال هذا رقماً جيداً بالنسبة لدول الجوار الإيراني وحتى بالنسبة للعمق الآسيوي وبعض الدول الأوروبية أيضاً. على سبيل المثال، فإن معدل الأفلام المنتجة في تركيا منذ سنوات لا يزيد عن 70 فيلماً في السنة (وفي بعض السنوات القليلة الماضية بلغ نحو نصف هذا العدد). دول البلقان وسينمات وسط آسيا غالباً ما تكتفي بعشرة أفلام أو أكثر قليلاً لكل دولة.

ازدياد عرض الأفلام الإيرانية في المهرجانات الدولية يحمل دلالات عدة، يشكل فيها الطموح الفردي والحكومي جزءاً مهماً منها. فالفيلم المَرْضي عنه يحمل دعاية مناوئة لما تحققه الأفلام المنتسبة إلى إيران والتي يحققها سينمائيون مهاجرون في الغرب، حتى وإن لم يطرح أي وجهة نقدية. لكن الدلالة الأبرز هي استعداد المهرجانات الدولية لاستقبال الأفلام الإيرانية المنتجة داخل البلاد، أي تلك المتمتعة بموافقة الرقابة الرسمية. يعود هذا بدوره إلى رغبة جماهير أوروبية وآسيوية وأميركية في التعرف على ما هو إيراني.

على سبيل المثال، عرض مهرجان طوكيو في دورته التي انتهت في الخامس من هذا الشهر فيلم «ابنة نوح»

(Noah’s Daughter) لأمير رضا جلاليان. كما عرض مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي فيلم فيروز خسروڤاني «ماضي المستقبل يستمر» (Past Future Continues). وكان مهرجان كارلوڤي ڤاري قد اختار فيلم «صرخة» (Bidad بالفارسية) في مسابقته، وهو من إخراج سهيل بيراغي.

هذه عينة محدودة من مجموعة كبيرة من الأفلام، من بينها أيضاً «بين الأحلام والأمل» (Between Dreams and Hope) لفرنوش صمدي (تورنتو)، و«مواطن نزيل» (Citizen-Inmate) لحسام إسلامي (برلين). واستقبل مهرجان سياتل الأميركي فيلماً إيراني المولد بعنوان «حشد» لشهد كبيري، ومنحه جائزة لجنة تحكيم قسم «مخرجون جدد» أيضاً.

الجانب الآخر من الأفلام التي عرضت في المهرجانات هو تلك التي مُوّلت (بالكامل غالباً) من قِبل شركات غربية مثل بريطانيا وبلجيكا وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة، مثل «مجرد حادثة» لجعفر بناهي و«داخلي» (Inside) لأمير بحراني.

«صراخ» (مهرجان كارلوڤي ڤاري)

اعتبارات سياسية

تمت مشاهدة 11 فيلماً من هذه الأفلام، من الداخل والخارج، ليس من بينها ما يمكن اعتباره تحفة أو عملاً ذا جودة استثنائية، بما في ذلك فيلم بناهي «مجرد حادثة» الذي خطف سعفة مهرجان «كان» وأرسلته فرنسا ليمثلها في سباق أوسكار أفضل فيلم عالمي. لا محال من اعتبار أن فوز فيلم بناهي جاء، في جزء منه، لاعتبارات سياسية.

يدور الفيلم حول رجل يشتبه في أن شخصاً معيناً هو الضابط الذي استخدم العنف معه خلال فترة سجنه. بناءً على هذا الاشتباه، يتصل بآخرين تعرضوا للتعذيب على يد الضابط أو تحت إشرافه، ويُختطف بهدف قتله. لكنه يقنع الجميع بأنه ليس هو الشخص الذي يعتقدون أنه هو. نهاية الفيلم لا تؤكد أو تنفي ذلك، لأن هدف بناهي هو تسليط الضوء على عنف السجون السياسية من خلال طرح السؤال عما إذا كان المخطوف هو فعلاً ذلك الضابط أو شخصاً آخر.

أفضل منه، نصاً وتنفيذاً، كان فيلم محمد رسولاف «بذرة التين المقدسة» (The Seed of the Sacred Fig). بعد عروضه في مهرجان «كان» في العام الماضي، مثّل إيران في سباق أوسكار 2025. وقد عُرض في هذا العام في 40 مهرجاناً سينمائياً حول العالم، قطف خلالها جوائز من اتحادات نقاد ومن بعض المهرجانات (أهمها الجائزة الأولى لمهرجان «بالم سبرينغز»). «بذرة التين المقدّسة» يقوم على فكرة الاشتباه، لكن في عمق مدروس: قاضٍ مرشح لمنصب أعلى يفتقد مسدسه الحكومي ولا يجده. يخاف من تبعات ذلك، قبل أن يشتبه (ولاحقاً يتأكد) أن إحدى ابنتيه هي التي أخفت المسدس لأنها ضد ممارسات الحكومة. يتقدم الفيلم بهذه الحبكة جيداً، حتى يصطدم بنهاية تحوّل مجرى الفيلم إلى نوع سردي مختلف.

عدد لا بأس به من الموضوعات التي تطرحها الأفلام الإيرانية غير المدعومة من الغرب يتعلّق بالمرأة. على سبيل المثال، يتناول فيلم «ابنة نوح» وضع امرأة تنشد العزلة من المدينة إلى بلدة ساحلية، ولو لبعض الوقت. ليس هناك من حبكة واضحة، لكن بعض الترميز الاجتماعي موجود في هذه الدراما.