علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

لا فائدة

الكفاءة التشغيلية، في عالم إدارة الأعمال، هي العلاقة بين الموارد والمخرجات. باختصار ما هي الموارد التي تحتاجها المنظومة لتسيير الأعمال بكفاءة عالية ووفق الجودة المحددة.
هنا تعاني كثير من القطاعات في تحقيق الكفاءة التشغيلية، فمثلاً قد يكون من السهل للمصانع أن تقيس عدد الموارد المطلوبة لإنتاج كمية معينة من المنتجات، مثلاً مصنع يستهدف تصنيع ألف قلم رصاص، فيقوم بشراء مواد أولية مثل الرصاص والخشب والمساحة وغيرها من احتياجه، ويحتاج أيضاً لعدد محدد من موظفي خط الإنتاج، وهذه الموارد مجتمعة تنتج العدد المستهدف من المنتجات. فلو قامت الشركة بشراء كمية أكبر من المواد الأولية، فيمكننا القول في هذه الحالة إن الشركة لم تحقق الكفاءة التشغيلية المطلوبة، وذلك لأنها ستضطر إلى توفير مساحة أكبر للتخزين، بحكم أن مصنعها لا يحتمل إنتاج أكثر من ألف قلم رصاص.
وعلى النقيض تقوم بعض المنظمات بتعيين موارد أقل لتحقيق أهداف مالية، وتتناسى بذلك أن الجودة قد تتضرر.
مثلاً مطعم أرز يبيع في إجازة نهاية الأسبوع ذبيحة، وفي أيام الأسبوع يكاد لا يبيع أكثر من 10 ذبائح يومياً، فهو مضطر إلى تعيين موارد أكثر في إجازة نهاية الأسبوع على عكس أيام الأسبوع التي لا تتطلب موارد كبيرة. فالشركة أمام خيار صعب، وهو هل أقوم بتعيين الموارد التي تلبي احتياجي في أوقات الذروة، أم أكتفي بتعيين الموارد التي تلبي متوسط احتياجي مع الإضرار قليلاً بمستوى الجودة في الخدمة أو المنتج المقدم في أوقات الذروة.
قرارٌ صعب... وأعتقد أن هذا ما واجهه مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، فمع ازدياد زوار المطار خلال موسم العمرة في شهر رمضان الماضي 1443 هجرية، شاهدنا تأخر الرحلات وضياع الأمتعة وجموعاً من المنتظرين أمام بوابات الطائرات والكثير الكثير من الملاحظات التي تستغرب على مطار بلغت تكلفته أكثر من 36 مليار ريال (9.6 مليار دولار) بطاقة استيعابية بلغت 30 مليون مسافر سنوياً، أن يحدث به مثل هذا الخلل، ولقد هبطت في مطار الملك عبد العزيز بجدة قبل شهر رمضان الماضي بأيام قليلة، وهو مطار منظم وفسيح، ومع ذلك يحدث به مثل هذا التأخير في الرحلات وضياع الأمتعة، وأنا لا أقول هذا من فراغ ولكن من تجربة.
القيادة اعتمدت المبالغ اللازمة لإنشاء المطارات، ولكن يبدو أن الخلل في الموارد البشرية، ورغم أن عمر الخطوط السعودية يقترب من 70 عاماً، فإنها لم تستفد من تجاربها السابقة، وتكرر الأخطاء نفسها، آخرها سياسة التسعير للتذاكر، إذا من غير المنطقي أن يستخدم القادم من الظهران إلى جدة مطار المنامة، وأن يستخدم القادم من القريات أو الجوف مطار عمان في الأردن ليصل إلى جدة، ولكن يبدو أنه رغم العمر المديد للخطوط السعودية أن لا فائدة من نقدها، لأنها لا تستمع إلى عملائها، رغم الخسائر الاقتصادية الفادحة التي تتكبدها الخطوط نتيجة تأخير الرحلات، أو إلغائها، أو ضياع الأمتعة وتعويض العملاء عنها، ومع ذلك فلا بد أن نتفاءل بخطة وزير النقل التي تستهدف ملايين الزوار القادمين للسعودية. ودمتم.