مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الجنتل الجولاني... وبقية «الجناتلة»

هناك صورة نمطية شكلاً وموضوعاً للمتطرف الديني السياسي، لحية فوضوية وملابس فوضوية، وصوت جهير وعيون حادة، وربَّما بعض الإكسسوارات الإضافية. حسب نوعية الجماعة التي ينتمي لها (مثلاً عند الجماعات الشيعية خواتم العقيق في الأصابع، وعند المصرية زبيبة الجبهة).
لكن هذه شكليات خادعة، ربَّما ظهر الإخواني ببدلة عصرية أو «كاجوال» سبورت يرطن الإنجليزية، ويتحدَّث عن التنمية واقتصاد المعرفة وصناعة الديجيتال، وربما أيضاً لاك بفمه أسماء فلاسفة مثل هيغل أو أدباء مثل ماركيز، وتحدَّث عن موسيقى البلوز...
دعك من الإخواني الكاجوال صانع المحتوى العصري والبودكاست الشبابي، حتى قيادات الإرهاب الصريح مثل تنظيم القاعدة قد يفعلون هذا الفعل على طريقتهم.
مؤخراً شاهدت رمز «القاعدة» الأول بسوريا وهو أبو محمد الجولاني يحاول فعل ذلك، بلحية قصيرة وشعر متساوٍ وشارب مهذب وجاكيت عصري، ظهرَ الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقاً» في سوريا، إلى جانب لافتة كتب عليها «بحضور رئيس حكومة الإنقاذ السورية تم افتتاح أول مشروع حكومي شعبي في المناطق المحررة... طريق حلب - باب الهوى».
هذه «الجنتلة» لرمز من رموز الخراب والقتل والتخلف والدمار في سوريا لم تنس الناس جرائمَه، وهو حاول من قبل «مكيجة» صورته في ظهوره الشهير على قناة «الجزيرة»، ولكن بالتأكيد فإنَّ الناس جلَّهم لا يرون فيه إلا القاتل الإرهابي المتخلف الذي خدم نظام الأسد بتشويه المعارضة السورية وتنفير العقلاء منها.
في تعليق لافت بفبراير (شباط) الماضي، نشرت وزارة العدل الأميركية على مواقع التواصل الاجتماعي، صورة لزعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني، مرتدياً بدلة رسمية.
جاء نشر وزارة العدل لصورة الجولاني حينها للتذكير بمكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار أميركية كانت قد عرضتها لمن يدلي بمعلومات عنه.
وكتبت الوزارة عبر صفحتها «مكافأة من أجل العدالة»: «يمكنك أن تلبسَ بدلة حلوة أيها الوسيم، لكنَّك تبقى إرهابياً».
لقد غيَّر الرجل، أو أمره بذلك من صنعه ودعمه، اسم ميليشياته فقد كانت «جبهة النصرة»، ثم «هيئة فتح الشام»، وأخيراً هيئة تحرير الشام... لكن إن هي إلا أسماء سميتموها!
بعيداً عن الإرهابي التكفيري القاعدي التابع لدول معروفة، ماذا عن المظاهر الخادعة أكثر وأخطر لوجوه تسلَّلت للإعلام، وربما تحدَّثت باسم برامج حكومية للناس؟
القصة أعقد وأنكى هنا.