علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

العلم وسوق العمل

دائماً ما يعتقد الناس أن الاختراعات الجديدة تقضي على أعمالهم وتضيق فرص التوظيف لديهم، وقد يكون هذا الأمر في ظاهره صحيحاً للوهلة الأولى، ولكن الحقيقة أن الاختراعات والتطور العلمي يقضيان على بعض الوظائف ويوجدان فرص توظيف أخرى، فمثلاً حينما تم اختراع ماكينة رفع المياه لسقيا الزراعة ظن المزارعون أن هذه الآلة ستقضي على وظائفهم، لكن ما حصل كان عكس ذلك؛ إذ قبل اختراع ماكينة المياه كانت مساحة الأرض المزروعة محدودة لأن المياه تجلب على ظهور الدواب وبعد اختراع الآلة زادت مساحة الأرض المزروعة وزاد الإنتاج ما أوجد وظائف كثيرة ومتعددة منها زيادة عدد من يجنون المحصول وزيادة عدد من يعتنون به.
حتى الزراعة على ضفاف الأنهار زادت مساحتها بعد وجود آلة جديدة لرفع مياه النهر بعد أن كانت تعتمد على الجداول التي تصل الأراضي المنخفضة ولكن بعد اختراع الآلة وصلت المياه للأراضي المرتفعة.
ومع زيادة مساحة الأرض المزروعة ظهرت الحاجة لإنتاج أدوية المعالجة فنشأت صناعة موازية فتحت فرص توظيف منها صناعة الأسمدة وصناعة طرق الري سواء بالتنقيط أو الرشاشات أو غيرها لتفتح فرص توظيف لم تكن موجودة سابقاً.
ثم بعد ذلك ومع الإنتاج الزراعي الضخم نشأت الحاجة إلى إيجاد سلاسل توزيع ضخمة وظفت العديد من البشر ومستودعات للتخزين مخصصة للإنتاج الزراعي أقصد مستودعات ذات درجة تبريد مناسبة.
كل تلك المتغيرات أوجدت حركة اقتصادية هائلة استفادت منها صناعات أخرى غير الزراعة مثل مصانع السيارات التي بدأت بإنتاج الشاحنات لنقل هذا الإنتاج الضخم، صناعة الصناديق الكرتونية والخشبية كوعاء تسوق به هذه المنتجات، ثم تطورت منافذ التوزيع لنجد السوبر ماركيتات توظف من يقوم بتنظيف هذه المنتجات وصفها على الأرفف لجذب الزبون والحلقة تطول وتتسلسل لتشمل فتح وظائف مساندة كثيرة ولكن هذا مختصر لما يمكن أن يحدث مع كل اكتشاف أو تطور علمي جديد.
لذلك يجب ألا نتخوف من التطور التقني الجديد ونعتقد أنه سيقضي على وظائفنا بل يجب أن ننظر له بإيجابية وأنه قد يفتح آفاقاً جديدة لم نكن نعرفها، والمطلوب فقط هو مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وأن يعرف الدارس لأي تخصص يتوجه، فبعض الدارسين يتوجه للتخصصات التي تشبع بها سوق العمل ويتهيب الدراسة في التخصصات الجديدة، كما أن وزارات الموارد البشرية في عالمنا العربي معنية بنشر الوعي لدى الشباب بالتخصصات التي يتطلبها سوق العمل. ودمتم.