مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

عراقياً ولبنانياً... شمس الدولة وخفافيش الميليشيات

في لبنان وفي العراق، صورة واحدة تظهر طبيعة الحلول التي يفضلها قادة الميليشيات المسلحة، حين تحاول الدولة ويحاول المجتمع، تفعيل مؤسساته بشكل حقيقي، ترجمةً لإرادة الناس.
«حزب الله» بقيادة أمينه العام حسن نصر الله، يسعى بالسياسة أو بالسلاح، لتعطيل القضاء اللبناني وسلطات التحقيق في قضية انفجار ميناء بيروت الكارثي بسبب تخزين نترات الأمونيوم، انفجار مهول زلزل بيروت زلزالها، وقتل الناس وتهدمت البيوت، وأصيب البشر في أجسادهم وأرواحهم.
كان آخر مظاهر السفور الميليشياوي العلني في لبنان، هو مسيرة مسلحة لجنود «حزب الله»، الغرض منها كما قيل التظاهر أمام القصر العدلي، ضد القاضي الشجاع طارق بيطار، المكلف التحقيق في قضية انفجار المرفأ، لكن تحوَّلت هذه المسيرة إلى استفزاز مقصود لأهالي عين الرمانة والأحياء التي يغلب عليها المكون المسيحي، وانحدر الأمر بشكل مخيف إلى بروفة مصغرة للحرب الأهلية في لبنان.
أمَّا في العراق، وبعد فقدان الأجنحة السياسية التي تمثل الميليشيات التابعة لإيران، عشرات المقاعد النيابية في وكسة مؤلمة، فقد أعلنت ميليشيات هادي العامري وحزب الله العراق والنجباء والعصائب، إلخ... عن رفضها هذه الانتخابات، رغم أنَّ الفائز الأكبر، شيعياً وعراقياً، في الانتخابات، هو تيار مقتدى الصدر، وهو تيار يقوده رجل معمم، سليل بيت ديني!
أنصار «الحشد الشعبي» احتشدوا قرب المنطقة الخضراء في وسط بغداد؛ احتجاجاً على «تزوير» يقولون إنه شابَ الانتخابات التشريعية المبكرة، كمداً وغضباً من نكستهم الانتخابية، بعدما كانوا القوة الثانية في البرلمان السابق مع 48 مقعداً؛ حاز «تحالف الفتح» الممثل لـ«الحشد الشعبي» والحليف القوي لطهران، نحو 15 مقعداً فقط في انتخابات 10 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وفق النتائج الأولية، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
رفع أنصار الميليشيات المسلحة التابعة للنظام الإيراني الخميني شعارات، منها «من عيّنه الأميركان نهايته أفغانستان»، و«كلا كلا أميركا... كلا كلا للتزوير... كلا كلا إسرائيل».
وهذه «شنشنة نعرفها من أخزم»... «الحشد الشعبي» مثله مثل الحوثي في اليمن و«حزب الله» في لبنان، كل من يختلف معهم فهو تابع لأميركا وإسرائيل، ويتم ترديد هذه الشعارات بشكل ببغائي، وكأنك أمام طقس تعويذي طوطمي مبهم لا مناص منه.
الصورة المتكررة في العراق ولبنان ترسل رسالة خطيرة ومصيرية، وهي أنَّه لا حلَّ مع هذه الميليشيات التابعة لإيران إلا بتعزيز قوة الدولة، فكلما قويت الدولة ومؤسساتها، ضعفت هذه الميليشيات.
الرسالة الكبرى هي: شمس الدولة ستحرق خفافيش الميليشيات.