بريت ستيفنز
خدمة «نيويورك تايمز»
TT

الأخبار السيئة للإدارة الأميركية

كتب المؤرخ ويل ديورانت عن البابليين يقول «ولدت الحضارة رواقية وتموت أبقورية». لكن حضارتنا ولدت متفائلة ومستنيرة، على الأقل بمعايير العصر. والآن يبدو الأمر كما لو أنه يتلاشى وسط شيخوخة جنون العظمة.
كان من المفترض أن يكون جو بايدن رجل الساعة: رجل ذو حضور هادئ، ينضح باللياقة والاعتدال والثقة. وكمرشح، قدم الرجل نفسه كرئيس انتقالي، وكشخصية أبوية في قالب جورج بوش الذي يعيد الكرامة والحصافة للبيت البيضاوي بعد الكذب والفوضى التي شهدناها من قبل. هذا هو السبب في أنني صوّت له، كما فعل العديد من الآخرين الذين كانوا ذات يوم يميلون إلى لون حزبه الأحمر.
لكن بدلاً من ذلك، أصبح بايدن شعار الساعة: عنيد لكنه مهزوز، وطموح ولكنه غير كفؤ. يبدو أنه آخر شخص في أميركا يدرك أنه بغض النظر عن المزايا النظرية لقرار سحب قواتنا المتبقية من أفغانستان، فإن الافتراضات العسكرية والاستخباراتية التي بُنيت عليها كانت معيبة للغاية، والطريقة التي جرى بها تنفيذ القرار كانت معيبة أيضاً، فقد كانت كلها إذلالاً وطنياً وخيانة معنوية وتوقيتاً كارثياً.
وجدنا أنفسنا نحتفل بذكرى أول انتصار جهادي عظيم على أميركا، في عام 2001 (تفجير برجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر) مباشرة، ذلك بعد أن تحقق ثاني انتصار جهادي عظيم على أميركا في عام 2021.
يقترح بايدن الآن متابعة ذلك بمشروع قانون تسوية الميزانية الخاص به والذي يبلغ 3.5 تريليون دولار، والذي يصفه جوناثان وايزمان، الكاتب بصحيفة «تايمز» بأنه «أهم توسع لشبكة الأمان في البلاد منذ بداية الحرب على الفقر في الستينات».
عندما شن ليندون جونسون حربه على الفقر، تم تمرير التشريعات المرتبطة به - من طوابع الطعام إلى الرعاية الطبية - بأغلبية من الحزبين في كونغرس ديمقراطي غير متوازن. لدى بايدن طموحات مماثلة من دون تلك الوسائل السياسية، لكن هذا لن يسير على ما يرام.
مؤخراً، نشر جو مانشين، وهو عضو الحزب الديمقراطي من ولاية فيرجينيا الغربية، مقالاً في صحيفة «وول ستريت جورنال»، قال فيه «أنا، على سبيل المثال، لن أؤيد فاتورة بقيمة 3.5 تريليون دولار، أو درجة قريبة من ذلك المستوى الإنفاق الإضافي، من دون مزيد من الوضوح حول سبب اختيار الكونغرس لتجاهل الآثار الخطيرة للتضخم والديون على البرامج الحكومية الحالية».
هل يولي البيت الأبيض اهتماماً لرسالة مانشين أكثر من اهتمامه بالمعلومات الاستخباراتية السرية بشأن التحذير لاحتمال انتصار سريع لـ«طالبان»؟
ربما يفترض بايدن أن التشريع، في حال إقراره، سيثبت شعبيته بشكل متزايد بمرور الوقت، مثل مشروع الرعاية الصحية «أوباما كير»، وهذا هو السيناريو المتفائل. بغير ذلك، يمكن أن يعاني بايدن من كارثة تشريعية مثل مشروع إصلاح الرعاية الصحية لهيلاري كلينتون في عام 1994، والذي كان سينهي رئاسة بيل كلينتون لولا تأرجحه الحاد نحو الوسط.
حتى السابقة المتفائلة أعقبها هزيمة الديمقراطيين في عام 2010، عندما خسر الحزب 63 مقعداً في مجلس النواب. إذا أعاد التاريخ نفسه في منتصف المدة لعام 2022، فأنا أشك في أنه حتى أقرب مساعدي جو بايدن يعتقدون أن لديه القدرة على تحمل كفاح العودة في عام 2024. هل أظهرت كامالا هاريس الموهبة السياسية لإصلاح ما فسد؟
ربما يكون ما سينقذ الديمقراطيين هو أن ضعف بايدن سيغري دونالد ترمب للسعي، ومن المؤكد أن يكسب ترشيح الحزب الجمهوري. ولكن بعد ذلك هناك فرصة للفوز في الانتخابات.
هناك طريق للعودة من حافة هذا الجرف؛ إذ يبدأ الأمر بإيجاد بايدن طريقة للاعتراف علناً بخطورة أخطاء إدارته الفادحة. كان الجانب الأكثر عاراً في الانسحاب من أفغانستان هو عدم كفاءة وزارة الخارجية فيما يتعلق بتعجيل التأشيرات لآلاف الأشخاص المؤهلين للقدوم إلى الولايات المتحدة. يمكن أن تبدأ المساءلة باستقالة أنتوني بلينكن.
قد ينتهز الرئيس أيضاً «التوقف الاستراتيجي» الذي اقترحه مانشين ودفع الديمقراطيين في مجلس النواب إلى تمرير مشروع قانون البنية التحتية للحزبين والبالغ قيمته تريليون دولار من دون جعله رهناً لفاتورة المصالحة البالغة 3.5 تريليون دولار. البنية التحتية تحظى بشعبية كبيرة لدى الناخبين في منتصف الطريق أكثر من إعادة بناء المجتمع العظيم الذي لم يكن من المفترض أن يكون جزءاً من علامة بايدن التجارية.
إحساسي الشخصي هو أن بايدن لن يفعل أياً منهما. فقد أخبرتنا الأشهر القليلة الماضية شيئاً مقلقاً بشأن هذا الرئيس: إنه فخور وغير مرن، ويعتقد أنه أذكى بكثير مما هو عليه بالفعل. هذه هي الأخبار السيئة للإدارة، وهي الأخبار الأسوأ بالنسبة لبلد في حاجة ماسة إلى تجنب رئاسة فاشلة أخرى.

- خدمة «نيويورك تايمز»