مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

إلى الأمام من دون أي عنصريّة

نعمتان لا يحس الإنسان بقيمتهما إلاّ إذا فقدهما هما: (الصحة في الأبدان، والأمان في الأوطان)، وأكثر مَن يحس بهما أو على الأقل بواحدة منهما في عالمنا العربي (خمسة أقطار) – لا أريد أن أسميها - فغالبية القراء (يفهمونها وهي طايرة)، وكل ما أتمناه وأدعو الله به أن يمتعها بنعمة الأمن والأمان – قولوا معي: (أمين).
والآن اسمحوا لي أن أدخل معكم في الموضوع:
هل تعلمون يا رعاكم الله أن (هولندا) تعتزم إغلاق 5 سجون في البلاد بحلول نهاية الصيف الجاري، وذلك بعد 4 سنوات من إغلاق أمستردام 19 سجناً بسبب قلة المجرمين، وفق ما ذكرت صحيفة (الإندبندنت) البريطانية؟
وسيؤدي إغلاق السجون الخمسة إلى تسريح ما يقرب من ألفي موظف، وسيتم نقل 700 منهم فقط إلى دوائر حكومية أخرى عاملة في إطار إنفاذ القانون في البلاد. ويأتي اللجوء إلى إغلاق السجون في هولندا بسبب الهبوط المتسارع في معدلات الجريمة في البلاد منذ عام 2004. وقد وصلت مشكلة السجون الفارغة فيها إلى النقطة التي دفعت الحكومة إلى (استيراد) 240 معتقلاً من بعض البلاد الأوروبية لشغل هذه المرافق.
وأعلن وزير العدل الهولندي أمام البرلمان أن الإبقاء على السجون الفارغة من دون شغلها يكلّف البلاد أثماناً باهظة بالنسبة إلى هذا البلد الصغير.
وهناك عوامل عدة تكمن وراء انخفاض معدلات الجريمة في هولندا، بينها على سبيل المثال القوانين المرنة، والتركيز على برامج إعادة التأهيل ونظم المراقبة الإلكترونية المتطورة.
وهل تعلمون كذلك، حسب إحصائية موثقة، أن الولايات المتحدة هي من ضمن الدول التي تمتلئ سجونها بالمعتقلين، فهناك (710) سجناء لكل (100) ألف شخص – ولا أملك إلاّ أن أقول: (يا أمان الخائفين).
وإليكم هذا الخبر العجيب الذي ورد في صحف دولة عربية: إن هناك امرأة مسنّة تجاوز عمرها (103) سنوات واسمها (سمية بوحشيش)، أُطلق سراحها بعد أن قضت (13) سنة من محكوميتها بالسجن المؤبد؟!
وأثلج صدري وأسعدني كذلك أن الإمارات العربية حلّت في المركز الثاني من بين دول العالم الأكثر أماناً في مجال السياحة، وذلك حسب الاستبيانات الموثقة دولياً – وإلى الأمام يا دول الخليج من دون أي عنصريّة.
وصدقوني ليس هناك أروع من (ثلجة الصدر)، وينطبق عليها ما قاله الفارس (ركان بن حثلين) الذي عاش في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، في قصيدة له ببيت من الشعر الشعبي، هذا نصه:
يا ما حلا الفنجال مع سيحة البال - في مجلس ما فيه نفس ثقيله