علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

منصة عقارية

سبق لوزير العدل السعودي الدكتور وليد بن محمد الصمعاني أن أعلن، في الربع الأول من العام الجاري، عن عزم الوزارة إطلاق منصة عقارية، بحيث يعرض البائع عقاره ويعرض المشتري سعره، وبالتالي تتم البيعة دون وسيط، ما يوفر 2.5 في المائة من قيمة الصفقة.
لا أعرف لماذا عاد العقاريون لتداول الخبر من جديد؟ وهل السبب هو رغبتهم في تطبيق المنصة التي وعد معالي الوزير بأن تكون جاهزة للتطبيق التجريبي قبل نهاية العام الجاري، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
وقبل أن نسترسل في موضوع المنصة العقارية لا بد أن نشيد بأعمال معالي وزير العدل السعودي الدكتور وليد الصمعاني، فقد استطاع الصمعاني رقمنة أعمال وزارته، وبدأ من الأهم فقد حوّل جميع صكوك ملكيات العقارات إلى إلكترونية، ولم يعد مالك العقار بحاجة إلى حمل صك ملكية ورقي يتعب في حفظه.
ثم ميكن صكوك الوكالة، ثم ذهب لمراقبة أعمال القضاة اليومية ومراقبة جلسات التقاضي ومعرفة مَن يعطل جلسات المحكمة ويزيد مدة التقاضي دون فائدة ومن ثم محاسبته. إلى جانب صكوك الأحوال الشخصية التي تحوّلت إلى رقمية، مما يمكن معه القول إن الوزارة حققت رؤية السعودية في التحوُّل لحكومة رقمية وهو ما يريده المواطن وما يطمح إليه المسؤول.
ومن ضمن جهود الوزارة للتحول الرقمي إطلاق المنصة العقارية، فما فوائد المنصة وما المآخذ عليها؟ من أهم فوائد المنصة تحقيق كفاءة التسعيرة عبر عروض بيع شفافة، وعروض شراء شفافة هي الأخرى، ما يخلق كفاءة في التسعيرة عبر تطابق الأسعار، وكما يحدث في أسواق الأسهم تخفيض تكلفة الصفقة عبر حذف تكاليف الوساطة أو السمسرة، التي تبلغ في سوق العقار السعودي 2.5 في المائة، ووفق العرف السائد.
تقليل الاجتهاد في التقييم، إذ ستصبح أسعار العقارات مكشوفة للجميع في جميع مدن السعودية وفي جميع أحيائها، وبغض النظر عن نوع العقار هل هو سكني؟ أم تجاري؟ أم زراعي؟ أم صناعي؟
وقد يأخذ البعض على هذه المنصة أنها قد تحرم البعض من وظائفهم القائمة على أعمال الوساطة العقارية، وهذا الأمر صحيح للوهلة الأولى، فهو سيحرم الطفيليين على السوق من هذه الوظائف التي لا يستحقونها، وسيحدث لهم مثلما حدث لمكاتب وساطة الأسهم في أوائل التسعينات الميلادية، إذ أغلقت نشاطها مع وجود بورصة الأسهم الإلكترونية.
وسيتم التقليل من عدد مكاتب الوساطة، بحيث تقتصر على عدد محدود جداً، بحيث تقتصر على الصفقات الكبرى أو الصفقات ذات الإشكاليات المحددة التي يمكن حلها، لكن الحل قد يتطلب وقتاً طويلاً قد يتحمّله المشتري ولا يتحمّله البائع، باختصار قد تقتصر أعمال الوساطة على الصفقات الكبرى والصفقات الخاصة.
مثلما أن المنصة قد تُخرج المتطفلين من السوق فإنها ستفتح فرصاً أخرى للمقيّمين العقاريين الذين أتوقع أن ينشط سوقهم مع إطلاق المنصة. سيصبح التحقق من صحة صك الملكية أمراً سهلاً، إذا سيتم عبر وزارة العدل راعية المنصة، ما يجعل دخول الصك المضروب أمراً مستحيلاً.
الجميع ينتظر إطلاق المنصة العقارية التي لن تكون إلزامية ولكنها في النهاية ستسيطر على السوق وسيتجه لها المتعاملون في العقار لسببين رئيسيين؛ أولهما تحقيق كفاءة التسعيرة، ثانيهما قلة إشكالات المنصة وقلة القضايا الناتجة عن البيع والشراء. أما السبب الثالث والأخير فسيكون سهولة التعامل مع المنصة، إذ سيتم البيع والشراء دون أن يلتقي البائع والمشتري. ودمتم.