زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

الرسوم الصخرية: مصدر حضاري وتاريخي

قرأت دراسة مهمة قام بها د. نايف بن علي القنور ونشرها في هيئة التراث الوطني بالمملكة العربية السعودية تحت عنوان الأوضاع الحضارية في شمال وشمال غربي الجزيرة العربية من خلال الرسوم الصخرية، حول فترة مهمة في تاريخ المملكة، وهي الفترة من الألف الرابع إلى الألف الثاني قبل الميلاد. وقد أشار الباحث إلى أهمية الرسوم الصخرية كمصدر حضاري وتاريخي، وكذلك فهم مسيرة الحضارة البشرية وتطورها. وهذه الرسوم تظهر لنا جوانب حضارية مختلفة، وتشير إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
واستطاع د. القنور أن يحلل تلك الرسومات ويعرف من خلالها نشاط الإنسان في ذلك العصر الذي عاش فيه على أرض الجزيرة العربية، ويصور لنا شكل ملابسه وأدوات الزينة الخاصة به والقلائد التي استعملت في ذلك العصر، وكذلك الناحية الاقتصادية مثل الزراعة والرعي والصيد والتجارة. بل وساعدت الرسوم الصخرية أيضاً على معرفة المعتقدات الدينية والفكرية والطقوس التي كانت تمارس في ضوء تلك المعتقدات التي كانت سائدة. عرفنا أيضاً من تلك النقوش شكل البيئة القديمة وأنواع الحيوانات والنباتات التي سادت في ذلك الوقت.
وقد أورد لنا الباحث في كتابه المهم كل الدراسات السابقة التي تمت في تسجيل النقوش خلال القرنين الماضيين، كما قدم لنا أسماء الكثير من الأجانب والعرب الذين قدموا دراسات وعمليات تسجيل للرسوم الصخرية في الجزيرة العربية. كما قدم لنا المواقع المهمة التي عثر فيها على رسوم صخرية وأهمها منطقة تبوك، حيث تعود أشكال الرسوم الحيوانية والآدمية إلى فترة ما قبل التاريخ، وكذلك موقع كلوة، الذي يوجد به عدة رسوم صخرية تعتبر الأقدم زمناً بالجزيرة العربية. وعثر كذلك في عدة مواقع مجاورة على رسوم لأبقار ذات قرون وكذلك وعول ونعام وكلاب وأسود ويجاورها في بعض الأحيان كتابات ثمودية.
كما عثر في موقع وادي بقرة على رسوم لأبقار وأشكال آدمية وأشكال أيدٍ وأقدام بشرية تؤرخ للعصر النحاسي. كما سجلت في المنطقة الواقعة شمال المدينة المنورة وهي حدود منطقة تبوك كميات كبيرة من الرسوم الحيوانية مثل الأبقار والجمال والوعول ومناظر صيد ومشاهد قتال على الخيول باستخدام الرماح الطويلة. وعثر أيضاً في تيماء على العديد من الرسوم الصخرية المنوعة والتي تمثل مراحل زمنية قديمة. ومن أهم الرسوم التي عثر عليها رسوم لخيول بذيول مرفوعة على ظهورها أشخاص يحملون رماحاً طويلة. وكذلك عثر على مثل هذه الرسوم في العلا شمال منطقة المدينة المنورة، وكذلك في موقع الصويدرة شرق المدينة المنورة، وفي منطقة حائل التي تعتبر من أغنى مناطق المملكة بالنقوش الرسوم الصخرية. كذلك تضم منطقة جبة والشويمس رسوماً لحيوانات وأشكال آدمية.
لقد استطاع د. القنور الأثري السعودي أن يكتب لنا تاريخ المملكة العربية السعودية القديم من خلال دراسة تلك الرسوم الصخرية.