فاي فلام
TT

«كورونا» يساعد على فهم الأمراض المزمنة الأخرى

هناك الكثير على المحك في سعينا لفهم ما يسمى فيروس «كورونا» الممتد. قد يكون الأمر مفاجئاً للبعض، لكن أعراض ما بعد الإصابة المستمرة لا تحدث فقط مع فيروس (سارس - كوف - 2). وما نتعلمه من دراسات حول المصابين بفيروس «كورونا» لفترات طويلة قد يساعدنا على فهم أمراض أخرى، من متلازمة الإرهاق المزمن إلى السرطان ثم الزهايمر.
وقال عالم الأوبئة الدكتور زياد العلي، الذي يدرس حالياً فيروس «كورونا» الممتد في نظام الرعاية الصحية في سانت لويس: «إن ما نشهده في فيروس كورونا ليس جديداً تماماً. هنالك الكثير من الفيروسات الأخرى التي تعكس مظاهر طويلة الأمد».
قبل تفشي فيروس كورونا، عانى العديد من الأشخاص من أعراض موهنة أو من إرهاق شديد عقب العدوى الفيروسية. وقال الدكتور أفاندرا ناث، مدير قسم علم الأعصاب الإكلينيكي في المعهد الوطني للصحة الأميركي، إن مثل هذه المتلازمات التي تعقب الفيروس يصعب دراستها بطبيعتها. والكثير من المرضى لن يدركوا أن هناك أمراً ما لبعض الوقت بعد الإصابة الأولية، حيث إنه من الطبيعي أن تشعر بأنك منهك للغاية لبضعة أسابيع من المرض.
ليس من الواضح بعد أي من الفيروسات من المحتمل أن تسبب أعراضاً مزمنة، أو أي نوع من الناس هو الأكثر عرضة للخطر منها. وحتى مع الإجماع على أنها متلازمة الإرهاق المزمن، فإنه يصعب تقديرها ودمجها.
ويعتقد أن نحو 75% قد أصيبوا بعدوى فيروسية أو بكتيرية، وفقاً لمقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» على لسان شخصين يعيشان بهذه الحالة منذ سنوات. وكان أحدهما، وهو برايان فاستاغ، مراسلاً علمياً في صحيفة «واشنطن بوست» قبل مرضه، الذي بدأ بحمى مفاجئة عام 2012.
على الأقل الآن، مع تفشي فيروس «كورونا» لفترة طويلة، يعرف الباحثون أياً من الفيروسات تتسبب في هذه المشكلة. ويعبّر الدكتور زياد العلي عن أمله في أن يساعدهم ما يتعلمونه من فيروس «كورونا» على فهم متلازمة الإرهاق المزمن أيضاً. وقال: «لأننا لم نفهمها بعد بصورة كاملة، فهناك ميل لدى البعض في المؤسسة الطبية إلى تجاهل هذا الأمر برمته في أذهان الناس».
ويقول الخبراء إن ما بين 10 و30 في المائة من المصابين بفيروس «كورونا» سيواجهون بعض المشاكل المزمنة. ثم هناك مجموعة منفصلة من الشباب الذين يعانون في البداية من حالات خفيفة من فيروس «كورونا» ولكنهم يمرون بعد ذلك بحالة الإجهاد المزمن والأعراض الأخرى التي يمكن أن تمتد لشهور.
ورغم وجود الكثير من المجهولات هنا، فإن المعروف هو أن بعض الناس تتحسن أحوالهم، كما يقول الدكتور ناث. وأضاف أن القليل تحسّنت حالاتهم بعد الحصول على لقاحات «كورونا»، رغم أن العديد من الحالات قد انتكست منذ ذلك الحين.
يقول الدكتور ناث إنه بدلاً من التعب العادي، يعاني العديد من المصابين بفيروس «كورونا» من شكل متطرف من أشكال عدم التحمل في ممارسة الرياضة. ويعاني آخرون من مشاكل معوية دائمة، وضباب في الدماغ، وآلام مزمنة، مع التوتر والاكتئاب.
يقوم الدكتور ناث، في المعاهد الوطنية للصحة، باختبار الناس الذين يبلغون عن هذه الأعراض ما بعد الفيروسية، ويستعد للبدء في إجراء التجارب الإكلينيكية على الأدوية التي ربما تساعدهم.
هناك فرضيتان للأسباب الكامنة وراء فيروس «كورونا»؛ الأول هو احتمال عدم اختفاء الفيروس من الجسم على الإطلاق، لكنه يجد مكاناً للاختباء. يمكن أن يحدث هذا مع فيروسات أخرى. والاحتمال الآخر هو أن يصبح الجهاز المناعي غير متوازن ويهاجم أنسجة الجسم.
ونشر الباحثون مؤخراً دراسة تهدف إلى تقدير حجم المشكلة من خلال تحليل السجلات الصحية الإلكترونية، وخلصوا إلى أن 23% من الأشخاص الذين تعافوا من فيروس «كورونا» ذهبوا إلى الطبيب للعلاج من حالات صحية جديدة.
المشكلة في هذه الدراسة هي أنه لا توجد فيها مجموعة ضابطة - لا نعرف كم عدد الناس الذين قد يطلبون العلاج الطبي بشكل عام خلال هذا الوقت. وقد يزور المزيد من الناس الأطباء الآن نظراً لأن العديد من الزيارات الطبية «الاختيارية» قد ألغيت أثناء ذروة تفشي الوباء. وقال الدكتور زياد العلي إن دراسته المنشورة استخدمت مجموعات ضابطة، لمقارنة الأشخاص الذين تجاوزوا مرحلة فيروس «كورونا» مع الأشخاص الذين لم يصابوا بالعدوى، وكذلك الأشخاص الذين أصيبوا بالإنفلونزا. وكشفت تلك الدراسات أن الإصابات بـ«كورونا» كانت أكثر احتمالاً بكثير من الإنفلونزا لارتباطها بالمشاكل الصحية - حتى الموت - بعد ذلك بأسابيع أو شهور.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»