طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

محمد أم إبراهيم؟

خبران منفصلان هذا الأسبوع بمنطقتنا، لكل منهما مدلولاته. الأول الذكرى الرابعة لبيعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. والثاني «اختيار» الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي.
وبالطبع لا يمكن القول إن السيد إبراهيم هو الرئيس المنتخب، وإلا بات ذلك اعترافاً فيما سماه المجتمع الدولي نفسه، وقبله الإيرانيون، بالمهزلة. وعليه أي الخبرين يستحق الاهتمام؟ ذكرى بيعة ولي العهد السعودي، أم «اختيار» الرئيس الإيراني؟
كصحافي، ورئيس تحرير سابق، صاحب موقف وقضية تتطلع للمستقبل، وليس لي وحدي وإنما لأبنائي ووطني، بالتأكيد سأختار الذكرى الرابعة لولي العهد السعودي على «اختيار» الرئيس الإيراني.
ذكرى بيعة ولي العهد الرابعة هي تأكيد على أن السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قد اختارت مشروع دولة، ورجل دولة، وهو محمد بن سلمان.
بينما اختار المرشد الإيراني علي خامنئي رجلاً محسوباً على «لجنة الموت» ليقود «حياة» إيران. والفرق كبير. محمد بن سلمان هو مشروع مملكتنا، مملكة المستقبل، إصلاح ومكافحة فساد، واعتدال، نعم نجرب ونخطئ، لكن قاطرة الإصلاح انطلقت.
أما «الاختيار» الإيراني فجاء بجلب رجل من الماضي. مشروع محمد بن سلمان هو خلق لجان متعلمة فتية، وطموحة للمستقبل. ومشروع إيران هو الاستعانة برجال «لجنة الموت».
وسأكون أكثر صراحة، حيث كان يقال إن السعودية كالاتحاد السوفياتي في أواخر مراحله، حيث كبر سن القيادات، ورحيلهم الواحد تلو الآخر، لكن اختيار الملك سلمان لولي عهده أثبت العكس، وأن المملكة تنبض بالحياة، وتتطلع للمستقبل، وذلك باختيار محمد بن سلمان «المستقبل»، وليس إبراهيم عام 1979، العام المشؤوم، عام السقوط الكبير.
محمد بن سلمان الخبر بالنسبة لي كونه مشروع بناء لا مشروع هدم كإبراهيم إيران. ومحمد بن سلمان مشروع، وإبراهيم رئيسي أداة. خامنئي يختار أدوات، والملك سلمان بن عبد العزيز ينظر لمشروع ويختار له رجالاً يمثلون المستقبل.
مثلاً، محمد بن سلمان معني بالبيئة، وإبراهيم رئيسي معني بالميليشيات. محمد يبحث عن التشجير، وإبراهيم يبحث عن التهجير. ولي العهد السعودي معني بجلب المستثمرين، والعقول، والسياحة، وإبراهيم إيران معني بترسيخ حق الثلث المعطل لتمكين حزب الله في لبنان، ودعم الحشد الشعبي في العراق، وتثبيت الأسد خريج لجان الموت الإقليمية.
وعليه نحن أمام رجلين مختلفين، ومشروعين مختلفين، وخلفهما قادة متباينون. الملك سلمان المصلح، وخامنئي مدمر المنطقة. ولذا فإن الخبر بالنسبة لي هو ذكرى بيعة ولي العهد، لا «اختيار» إبراهيم.
وكم كان لافتاً التصريح الأميركي الذي يؤكد أن صاحب القرار الإيراني هو خامنئي وليس الرئيس «المختار»، وهنا قد يقول البعض: إذن ما الفائدة طالما واشنطن تمد يدها للمشروع الإيراني الباحث عن أخذ المنطقة للماضي المجهول؟
الإجابة بسيطة وهي أن ما يهمنا هو وطننا. قصتنا هي السعودية، ومشروعها المستقبلي، وكلما نجحنا داخلياً تهاوت المشاريع الخارجية التخريبية، وأبرزها المشروع الإيراني الذي يدار من «لجان الموت».
لذلك، فإن الخبر الأهم هو ذكرى بيعة رجل يعمل على قدم وساق ملاحقاً المستقبل، وفارضاً الاعتدال، والإصلاح، والتطوير.